
يشهد سوق التأمين السيبراني في المملكة العربية السعودية نمواً لافتاً، إذ بلغ حجمه 127.8 مليون دولار أمريكي في عام 2024، ومن المتوقع أن يصل إلى 696.01 مليون دولار بحلول عام 2033، بمعدل نمو سنوي مركب يبلغ 18.47% خلال الفترة من 2025 إلى 2033، بحسب أحدث تقارير IMARC Group.
الذكاء الاصطناعي يعزز الكفاءة ويقلص الخسائر
تسهم تقنيات الذكاء الاصطناعي في إحداث تحول جذري في آليات تقييم المخاطر السيبرانية وتسعير التأمين. فخوارزميات التعلم الآلي تتيح لشركات التأمين تحليل كمّيات ضخمة من البيانات المتعلقة بالتهديدات السيبرانية ونقاط الضعف لدى الشركات والقطاعات، مما يساهم في تحسين دقة التسعير وتسريع إجراءات الاكتتاب بنسبة تتراوح بين 40 إلى 50% في السوق السعودي.
كما توفر منصات الذكاء الاصطناعي قدرات متقدمة على رصد التهديدات بشكل لحظي والاستجابة لها آليًا، مما يساهم في تقليل عدد مطالبات التأمين بنسبة تصل إلى 30%. وإلى جانب ذلك، يتم استخدام أدوات تحليل سلوكي متطورة لتسريع تقييم الأضرار والكشف عن محاولات الاحتيال، مما يقلص زمن معالجة المطالبات من أسابيع إلى أيام، ويُحسن تجربة العملاء.
من جهة أخرى، توفر تقنيات التحليل التنبئي قدرة استباقية على تحديد أنماط الهجمات السيبرانية عالميا، ومتابعة التهديدات الإقليمية بحسب القطاع، مما يساعد شركات التأمين السعودية على دعم استراتيجيات الأمن السيبراني الوطنية وأهداف التحوّل الرقمي ضمن رؤية 2030.
وتسهِم هذه التقنيات أيضاً في تصميم وثائق تأمين مخصصة تتماشى مع ملف المخاطر الخاص بكل شركة، لتوفير تغطية مرنة وتحديد أسعار أكثر دقة.
التشريعات والتحول الرقمي يقودان النمو المتسارع
تأتي الطفرة التي يشهدها سوق التأمين السيبراني في المملكة مدفوعة بعدة عوامل رئيسية، أبرزها تسارع وتيرة التحول الرقمي تحت مظلة رؤية السعودية 2030، وارتفاع عدد الهجمات السيبرانية بنسبة 250% في منطقة الشرق الأوسط خلال عام 2024. وتشمل هذه المبادرات مشروعات المدن الذكية والخدمات الحكومية الرقمية والبنية التحتية المالية التقنية، ما أدى إلى بروز مخاطر سيبرانية غير مسبوقة دفعت كافة القطاعات للبحث عن حلول تأمين متخصصة.
وتلعب السياسات التنظيمية دور محوري في هذا التحول، حيث أصدرت كل من الهيئة الوطنية للأمن السيبراني والبنك المركزي السعودي تعليمات تلزم المؤسسات المالية والجهات المشغلة للبنى التحتية الحرجة بالحصول على تغطية تأمينية سيبرانية، ما ساهم في توسيع السوق بشكل كبير.
وشهد عام 2024 اعتماد أكثر من 90% من المؤسسات السعودية على حلول الحوسبة السحابية وأنظمة الدفع الرقمي، مما رفع مستوى تعرضها للهجمات. ويبرز تهديد هجمات الفدية بشكل خاص، حيث تجاوز متوسط الفدية المطلوبة 1.2 مليون دولار، ما يجعل التأمين أداة حيوية لإدارة المخاطر.
كما بدأت المنشآت الصغيرة والمتوسطة في تبني التأمين السيبراني بفضل مبادرات حكومية تقدم دعماً فنياً ومادياً لتعزيز تبني الحلول الرقمية الآمنة.
في المقابل، تسعى شركات التأمين العالمية إلى تعزيز حضورها الإقليمي من خلال إنشاء مراكز متخصصة في الرياض، وتطوير وثائق تأمين تتوافق مع متطلبات السوق المحلية. وتتميّز هذه الوثائق بشمولها لخدمات الكشف المسبق عن التهديدات والتعامل الفوري مع الحوادث السيبرانية عبر شراكات مع شركات متخصصة في أمن المعلومات.
أبرز التقسيمات والقطاعات المستهدفة
يشمل السوق السعودي للتأمين السيبراني عدة أنواع من التغطيات، أبرزها:
- تغطية خرق البيانات
- تغطية حماية الشبكات
- تغطية الابتزاز السيبراني
- تغطية انقطاع الأعمال
وتخدم وثائق التأمين مختلف أنواع المؤسسات، من الشركات الكبرى إلى المنشآت الصغيرة والمتوسطة، وتشمل القطاعات التالية:
- القطاع المالي والمصرفي
- قطاع الرعاية الصحية
- الجهات الحكومية
- التجارة الإلكترونية وتجزئة التجزئة
- قطاع التصنيع
- قطاع النفط والغاز
- قطاع الاتصالات
كما يتم توزيع السوق جغرافياً إلى أربع مناطق رئيسية: المنطقة الشمالية والوسطى، المنطقة الغربية، المنطقة الشرقية، والمنطقة الجنوبية.
تطورات حديثة تؤكد زخم السوق
- في مارس 2025، أعلنت الهيئة الوطنية للأمن السيبراني عن إلزام جميع مشغلي البنى التحتية الحرجة بالحصول على تأمين سيبراني، مما وسّع نطاق الطلب بشكل كبير في قطاعات الطاقة والرعاية الصحية والاتصالات.
- في فبراير 2025، دشنت شركة Zurich Insurance مركزاً متخصصاً للتأمين السيبراني في الرياض لتقديم وثائق متوافقة مع متطلبات رؤية 2030.
- في يناير 2025، فرض البنك المركزي السعودي على المؤسسات المالية تغطية تأمينية إلزامية تعادل 2% من قيمة أصولها الرقمية.
التنافس يحتدم بين مزودي الخدمات
يشهد السوق تنافساً متزايداً بين شركات التأمين الدولية والمحلية، مع إطلاق وثائق متخصصة تغطي الاحتياجات التنظيمية والتشغيلية في المملكة، ودخول الذكاء الاصطناعي وتقنية blockchain كعناصر رئيسية في تطوير منتجات التأمين السيبراني.