الذكاء الاصطناعي الوكيل… اختبار جديد على طاولة مدراء الأمن السيبراني (CISO’s)

تكنولوجيا الوكلاء تُعيد تشكيل الأمن السيبراني بقرارات ذاتية، ومدراء الأمن السيبراني يدرسون السيناريوهات بحذر بالغ

الذكاء الاصطناعي الوكيل… اختبار جديد على طاولة مدراء الأمن السيبراني (CISO’s)
يعزز الذكاء الاصطناعي القائم على الوكلاء قدرات الدفاع السيبراني من خلال اتخاذ قرارات فورية وتنفيذ مهام دون تدخل بشري.

في ظل التقدّم المتسارع لتقنيات الذكاء الاصطناعي التوليدي، برز نوع جديد من هذه الأنظمة يحمل اسم «الذكاء الاصطناعي الوكيل» أو «Agentic AI»، ويُعدّ بمثابة قفزة نوعية في طريقة تعامل الأنظمة الذكية مع المهام. بخلاف النماذج التقليدية التي تكتفي بالإجابة أو التفاعل، تعتمد هذه الأنظمة على آليات اتخاذ القرار والتنفيذ الذاتي، وفي بعض الأحيان على التعاون فيما بينها لإنجاز المهام دون تدخل بشري مباشر.

ويبرز السؤال الأهم في أروقة فرق الأمن السيبراني: إلى أي مدى يمكن الوثوق بهذه الأنظمة من منظور الأمان؟

يشير أحدث تقارير «حالة سوق الذكاء الاصطناعي الوكيل» الصادر عن شركة ISG إلى أن هذه التكنولوجيا، رغم كونها لا تزال في مراحلها الأولى من الاعتماد المؤسسي، بدأت بالفعل تُحدث تحولات جذرية في إدارة تكنولوجيا المعلومات والعمليات الأمنية، مما يضعها تحت مجهر مسؤولي أمن المعلومات.

الاستخدامات الأمنية تفرض نفسها

لم تعد أنظمة الذكاء الاصطناعي الوكيل مجرد تجارب بحثية، إذ تُستخدم فعلياً في المؤسسات لتحقيق نتائج قابلة للقياس، لا سيما في مجال الأمن السيبراني. ووفقاً للتقرير، تُشكّل التطبيقات الأمنية نسبة 15 في المائة من حالات استخدام هذه الأنظمة، حيث تقوم الوكلاء بمراقبة البيئات، واكتشاف التهديدات، وتنفيذ إجراءات الاستجابة بشكل شبه ذاتي.

ويُعزى هذا الانتشار إلى قدرة الوكلاء على تحليل كميات ضخمة من بيانات التليمترية ومصادر معلومات التهديدات في الزمن الحقيقي، مما يتيح لهم بناء قوائم محدثة بالأصول، وتقييم المخاطر باستخدام الرسوم البيانية، وتنفيذ استجابات تلقائية للحوادث، تشمل عزل الأنظمة المصابة وتطبيق التحديثات وإطلاق إجراءات المعالجة، دون الحاجة لانتظار موافقات بشرية.

وتأخذ أنظمة «متعددة الوكلاء» هذا المفهوم خطوة أبعد، إذ يتخصص كل وكيل في مجال معيّن كالاكتشاف أو الاستجابة أو الاسترداد، ويعملون كفريق منسّق، مما يمنح فرق الأمن أفضلية زمنية في مواجهة التهديدات المتسارعة والمعقدة.

ليست كل المهام بحاجة إلى وكيل

رغم الإمكانيات المتقدمة، يحذّر التقرير من الإفراط في استخدام هذا النوع من الأنظمة في المهام البسيطة. وتُظهر البيانات أن 43 في المائة من حالات الاستخدام الحالية تعتمد على وكلاء بسيطين قائمين على نماذج محددة مسبقاً لأداء مهام متكررة، وهو مجال قد تفي فيه أدوات الأتمتة التقليدية مثل «أتمتة العمليات الروبوتية» (RPA) بالغرض بتكلفة أقل وتعقيد أقل.

وهنا تبرز أهمية اتخاذ قرارات مدروسة من قبل مسؤولي أمن المعلومات، لجهة اختيار نوع الوكيل المناسب لكل مهمة، وتجنّب المبالغة في استخدام الأنظمة ذاتية القيادة في السياقات التي لا تضيف فيها قيمة حقيقية.

التحديات المستقبلية تبدأ من الداخل

تشير التوقعات إلى توسّع الاعتماد على أنظمة متعددة الوكلاء، بحيث تتكامل عبر مختلف أقسام المؤسسات. وفي السياق الأمني، قد يُعهد إلى وكلاء مستقلين بمراقبة البنية التحتية، وتحليل النماذج التهديدية، والتأكد من الامتثال للضوابط، في نظام متكامل واحد.

غير أن هذا التوسع يطرح تحديات جديدة، من بينها آليات مشاركة الذاكرة بين الوكلاء، وإدارة التعارض بين أولوياتهم المختلفة، مما يتطلب تنسيقاً دقيقاً بين فرق الأمن والتقنية والهندسة البرمجية.

البيانات… الوقود والمصدر الأكبر للخطر

يشدّد التقرير على أن نجاح الذكاء الاصطناعي الوكيل في البيئات الأمنية يعتمد بدرجة كبيرة على توافر بيانات دقيقة وحديثة. لكن أكثر من نصف المؤسسات التي شملها الاستطلاع لا تزال تعاني من البنى التحتية القديمة، وهو ما قد يقوّض أداء هذه الأنظمة ويحوّلها إلى مصدر تهديد بدلاً من وسيلة للحماية.

ويبدو أن عدداً متزايداً من المؤسسات يتجه نحو مزوّدي خدمات مختصين لتحديث بنية البيانات وتعزيز الجاهزية التقنية، وهو توجّه يتطلب من مسؤولي أمن المعلومات التنسيق مع مبادرات حوكمة البيانات لتوفير بيئة بيانات موحدة وسهلة الوصول.

في المحصّلة، يشير التقرير إلى أن الذكاء الاصطناعي الوكيل قد يشكّل مستقبل العمليات الأمنية الذكية، لكنه في الوقت الحالي يظل أداة ذات فعالية مشروطة تستلزم رقابة دقيقة وإدارة واعية.

الموثوقة والمعتمدة لدى خبراء الأمن السيبراني

تقرأ في نشرتنا التي تصلك كل أسبوع:

  • أحدث أخبار ومستجدات الأمن السيبراني محليًا وعالميًا.
  • تحليلات وتقارير دقيقة يقدمها خبراء المجال.
  • نصائح عملية لتطوير استراتيجياتك السيبرانية.
  • مراجعات شاملة لأهم الأحداث والتطورات التقنية
اذهب إلى الأعلى