35 عاماً من تنظيم البيانات دون نتائج ملموسة

تقنيات الذكاء الاصطناعي ونقل البيانات عبر الحدود تفاقم التحديات أمام مسؤولي الأمن السيبراني

35 عاماً من تنظيم البيانات دون نتائج ملموسة
توضح الدراسة أن القوانين باتت أكثر شمولاً، لكنها لم تحقق بعد التأثير المرجو في تقليل المخاطر.

شهدت العقود الثلاثة الماضية توسعاً كبيراً في قوانين حماية الخصوصية على مستوى العالم، مدفوعة بمخاوف متزايدة من اختراقات البيانات، والتمييز الخوارزمي، والمراقبة، والاستهداف المضلل، والأضرار المعنوية. لكن دراسة حديثة من كلية Beacom للعلوم السيبرانية بجامعة داكوتا ستي، خلصت إلى أن هذه القوانين رغم أنها منحت الأفراد حقوقاً أقوى، لم تؤد بالضرورة إلى تقليص الأضرار التي تسعى إلى منعها.

اعتمد الباحثون على تحليل تاريخي طويل يمتد لـ35 عاماً من تطور قوانين الخصوصية، وتقييم فعالية تلك القوانين في الحد من المخاطر، وتأثيرها على المؤسسات والمستخدمين النهائيين. وركزت الدراسة على 5 مجالات تشكل مصدر قلق دائم للجهات التنظيمية ومدراء الأمن السيبراني، وهي: 

  • الاختراقات.
  • التمييز الخوارزمي.
  • المراقبة.
  • الاستهداف التلاعبي.
  • والأضرار المرتبطة بالمكانة الاجتماعية.

تضاعف في التشريعات ونماذج عالمية متأثرة بـGDPR

أظهرت الدراسة أن عدد قوانين الخصوصية تضاعف بشكل سريع منذ إطلاق اللائحة الأوروبية لحماية البيانات GDPR، التي شكلت مرجعاً لتشريعات لاحقة مثل LGPD في البرازيل، وPIPL في الصين، وPOPIA وNDPR في إفريقيا، إلى جانب إصلاحات في آسيا، وكندا، وأستراليا، واليابان. أما في الولايات المتحدة، فلا يزال النظام مجزأ فيدرالياً، رغم أن 19 ولاية سنت قوانين خصوصية للمستهلكين.

وقد أسهم هذا التوسع في تعزيز الحقوق الفردية مثل الإلغاء، والنقل، والموافقة، والاعتراض على التصنيف الآلي، إلى جانب زيادة الالتزامات المؤسسية في الحوكمة، والتقييم، وتوثيق المعالجات.

رغم تطور القوانين، لا تزال مستويات الامتثال متواضعة. فتقديرات الدراسة تشير إلى أن 28% فقط من الجهات الواقعة ضمن نطاق GDPR تفي بمتطلباته، وتنخفض هذه النسبة إلى 11% فقط ضمن قوانين كاليفورنيا CCPA وCPRA. وتعزى هذه النسب إلى تعقيد القوانين، ومحدودية موارد الجهات الرقابية، والتوجيهات المتضاربة أحياناً.

من حيث الغرامات، بلغت قيمة المخالفات تحت GDPR نحو 6.72 مليار يورو منذ 2018، منها نحو 3 مليارات ناتجة عن معالجة غير قانونية. بينما لم تتجاوز غرامات CCPA وCPRA مجتمعة 2.75 مليون دولار، وغرامات HIPAA منذ 2003 حتى 2024 وصلت إلى 144 مليون دولار فقط.

التقنيات تتقدم أسرع من التشريعات

تبرز الدراسة الفجوة المتسعة بين تطور التقنيات وقدرة القوانين على مواكبتها. فأدوات الذكاء الاصطناعي، والتعلم الآلي، وإنترنت الأشياء، تنتج بيانات استدلالية ومعرفات حساسة من مصادر روتينية، ما يخلق تحديات تتجاوز مفاهيم “الإشعار والموافقة” التقليدية. وتسلط الدراسة الضوء على ضعف الامتثال لضوابط اتخاذ القرار الآلي، رغم أن لائحة الذكاء الاصطناعي الأوروبية قد تعزز الرقابة لاحقاً.

ولا يزال تضارب قوانين الخصوصية الأوروبية مع ممارسات المراقبة الأمريكية يشكل عقبة أمام نقل البيانات. ومنذ إسقاط “درع الخصوصية”، اتجهت الشركات إلى الاعتماد على الشروط التعاقدية المعيارية SCCs، وتقييمات تأثير النقل. ورغم إطلاق “إطار خصوصية البيانات” الجديد بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، لا تزال الشركات تواجه التباساً بسبب تباين التعليمات وتطبيقها.

الحوكمة هي الأساس

استعرضت الدراسة أيضاً أدوات حماية الخصوصية مثل: الخصوصية التفاضلية، والتشفير المتجانس، وبيئات التنفيذ الموثوقة، والتعلم الموحد، وإثباتات المعرفة الصفرية، وتقنيات الرمزنة. لكنها أكدت أن هذه الأدوات لا تجدي دون حوكمة صارمة، وأن المشكلات لا تنبع من التقنية فحسب، بل من سوء استخدام البيانات.

حماية أقوى ولكن من دون أثر ملموس

خلصت الدراسة إلى أن تطور قوانين الخصوصية شكل نقلة في الحقوق والضوابط، لكن الأثر الفعلي في تقليل الأضرار ما يزال محدوداً. وطالبت الباحثون بوضع مؤشرات قابلة للقياس توضح ما إذا كانت البرامج والسياسات تقلل من الاختراقات، والتمييز، والتلاعب، وتسريب البيانات الحساسة.

من دون هذه المؤشرات، قد تتحول جهود الخصوصية إلى مجرد التزام إجرائي لا يحدث فرقاً حقيقياً.

الموثوقة والمعتمدة لدى خبراء الأمن السيبراني

تقرأ في نشرتنا التي تصلك كل أسبوع:

  • أحدث أخبار ومستجدات الأمن السيبراني محليًا وعالميًا.
  • تحليلات وتقارير دقيقة يقدمها خبراء المجال.
  • نصائح عملية لتطوير استراتيجياتك السيبرانية.
  • مراجعات شاملة لأهم الأحداث والتطورات التقنية
Go to Top