وظائف الأمن السيبراني في مأمن من موجة تسريح الموظفين بفعل الذكاء الاصطناعي

توسع الاعتماد على تقنيات الذكاء الاصطناعي يعيد تشكيل أدوار المحللين دون إلغاء الحاجة المتزايدة إلى خبراتهم الميدانية

وظائف الأمن السيبراني في مأمن من موجة تسريح الموظفين بفعل الذكاء الاصطناعي
يتوقع الخبراء أن يدعم الذكاء الاصطناعي فرق الأمن السيبراني دون أن يقلل الحاجة إلى محللين مهرة.

تتسع موجة أتمتة المهام المعتمدة على الذكاء الاصطناعي في مختلف قطاعات العمل حول العالم، بما في ذلك فرق الأمن السيبراني، لكن خبراء في المجال يؤكدون أن وظائف الدفاع الرقمي تظل من بين الأقل تعرضاً لعمليات تقليص واسعة في المرحلة المقبلة. ويشير هؤلاء إلى أن طبيعة التهديدات، وتعقيد البيئات التقنية، والنقص المزمن في الكفاءات المتخصصة، تجعل من وجود الخبرات البشرية ضرورة لا يمكن تعويضها بالكامل.

ويبرز هذا الاتجاه بصورة خاصة لدى محللي مراكز عمليات الأمن السيبراني SOC الذين يتوقع الخبراء استمرار الطلب عليهم رغم دخول تقنيات الذكاء الاصطناعي التوليدي والأنظمة العاملية المعتمدة على الوكلاء الذكيين إلى نطاق العمل اليومي. ويقول متخصصون إن هذه الأدوات تمنح المحللين القدرة على التركيز على مستويات أعلى من التدقيق والتحليل بدلا من إلغاء دورهم.

ويشير ناصيف إدروس، كبير استراتيجيي الأمن في World Wide Technology، إلى أن فرق الأمن السيبراني تواجه كماً هائلاً من المهام، وأن الاستفادة من قدرات الأتمتة تتيح إعادة توجيه جهد المحللين إلى ملفات أكثر تعقيداً. ويؤكد أن الحاجة إلى الكفاءات البشرية ستظل قائمة، موضحاً أنه لا يرى في التقنيات الحديثة ما يجعل الدور البشري قابلاً للاستغناء عنه.

وتغيرت طبيعة النقاشات في القطاع بشكل لافت خلال العامين الماضيين. فبعدما كانت المؤسسات تتحدث باستمرار عن نقص يقدر بملايين المتخصصين الذين يحتاجهم القطاع، بدأت تظهر تساؤلات حول ما إذا كانت قدرات الذكاء الاصطناعي قادرة على استبدال جزء من هذه الأدوار. لكن نيكش أرورا، الرئيس التنفيذي لشركة Palo Alto Networks، يشدد على أن الأتمتة تمثل فرصة لسد الفجوة وليس لإلغاء الوظائف. ويقول إن نقص الكفاءات في المجال كان كبيراً بما يكفي ليبقى الطلب قائماً حتى مع توسع قدرات الأنظمة الذكية. ويرى أن مستقبل وظيفة محلل مركز العمليات السيبرانية سيكون أفضل مما هو عليه اليوم، وأن دخول الذكاء الاصطناعي إلى هذه المهام سيعزز فاعليتها.

ويشير خبراء إلى مجموعة من العوامل التي تعزز صعوبة استبدال المحللين بالأنظمة الذكية. ويبرز بينهم مطلب وجود رقابة بشرية مستمرة على مخرجات المنصات الذكية، نظراً لأن الخطأ في تقدير المخاطر السيبرانية قد يحمل أثماناً عالية. ويرى بواز غلبورد، كبير مسؤولي الأمن في Akamai، أن الأنظمة الذكية ما زالت ترتكب أخطاء ملحوظة، وهو ما يستدعي وجود عين بشرية قادرة على التدقيق خلال العملية.

كما يدفع الخبراء بضرورة الإبقاء على دور العنصر البشري لقيادة عمليات التفاعل بين الأنظمة الذكية ذاتها، خصوصاً في عمليات التحقيق والاستجابة. ويقول دوف يوران، المؤسس والرئيس التنفيذي لمنصة Command Zero، إن الإبداع البشري وقدرته على تركيب المعطيات وتحليل عمل النماذج اللغوية عوامل لا يمكن استبدالها.

ويضيف أن بعض المهام الأولية لدى محللي المستوى الأول قد تتراجع بفعل الأتمتة، لكن المؤسسات ستستمر في توظيف هذه الفئة لضمان وجود مسار مهني طبيعي يرفد المحللين أصحاب المستويات المتقدمة لاحقاً. ويتساءل عن مصدر محللي المستويين الثاني والثالث إذا استبعدت المؤسسات محللي المستوى الأول بشكل واسع.

ويقول غونين فينك، نائب الرئيس التنفيذي في Palo Alto Networks، إن المؤسسات لا تبدي أي رغبة في تقليص فرقها العاملة في الأمن السيبراني، إذ يركز العملاء على الأدوات التي تعزز قدرة الفرق على أداء مهامهم بفاعلية أكبر بدلاً من الاستغناء عنهم.

ويلفت متخصصون إلى أن للتقنيات الذكية دوراً مهماً في تحسين جودة الحياة المهنية لمحللي مراكز العمليات الذين يواجهون ضغوطاً مرتفعة بسبب كثافة المهام. ويشير كريس إبلي، المدير التقني في Blackwood، إلى أن كثيراً من الخبرات تضطر لقضاء وقت طويل في مهام مثل فحص هجمات التصيد، وهو ما يمكن للذكاء الاصطناعي أن يخفف عبئه بشكل ملموس.

وترى شركات عدة أن قدرات الأتمتة الذكية قد تنعكس مباشرة على تحسين مستوى الأمن في المؤسسات عبر رفع قدرة الفرق على التعامل مع حجم أكبر من التنبيهات. ويشير يوران إلى أن الأتمتة تمكن الفرق من تغطية مساحة أوسع من التهديدات، في وقت تتزايد فيه متطلبات المراقبة بسبب توسع استخدام الذكاء الاصطناعي نفسه.

ويضيف أن الأنظمة الذكية باتت قادرة على دعم الفرق في معالجة التنبيهات وإدارة مرحلة الفرز حتى الوصول إلى إغلاق الحالات بسرعة أكبر، وهو ما يعتبره نقطة التحول الأكثر أهمية في مستقبل مراكز العمليات.

ويقول الخبراء إنه من المتوقع حدوث تباطؤ أولي في التوظيف مع استمرار المؤسسات في استيعاب التأثيرات العملية للذكاء الاصطناعي، إلا أن الحاجة إلى محللي الأمن ستعود للارتفاع بعد فترة قصيرة. ويوضح يوران أن ضغط العمل في معظم المؤسسات يجعل الاستغناء عن هذه المهارات غير ممكن، إذ تعمل الفرق بسعات أعلى من قدرتها الطبيعية.

ويرى إبلي أن الذكاء الاصطناعي قد يوفر للمؤسسات التي لا تمتلك فرق أمن سيبراني متخصصة قدرة تشبه امتلاك محللين عبر الأدوات الذكية، وهو ما يعد مكسباً لقطاع الأمن السيبراني ككل.

ويخلص إلى أن الكم المتزايد من العمل المطلوب في الأمن السيبراني يضمن استمرار الطلب على كل من يمتلك المهارات والخبرة اللازمة، مشيرا إلى أن المؤسسات لم تصل في أي مرحلة إلى المستوى الذي تملك فيه القدر الكافي من الكفاءات لتشغيل مراكز عملياتها بفاعلية.

الموثوقة والمعتمدة لدى خبراء الأمن السيبراني

تقرأ في نشرتنا التي تصلك كل أسبوع:

  • أحدث أخبار ومستجدات الأمن السيبراني محليًا وعالميًا.
  • تحليلات وتقارير دقيقة يقدمها خبراء المجال.
  • نصائح عملية لتطوير استراتيجياتك السيبرانية.
  • مراجعات شاملة لأهم الأحداث والتطورات التقنية
Go to Top