في غضون ثلاثة أيام فقط، يجتمع أكثر من 45 ألف مشارك، و450 جهة عارضة، و300 متحدث، ليقدموا 250 ساعة من المحتوى المتخصص، حول موضوع واحد وهو “اتجاهات الأمن السيبراني وفرصه التجارية”.
بالنسبة للمستثمرين في مجالات الأمن السيبراني أو التقنيات العميقة أو البنية التحتية الرقمية، لم يعد Black Hat MEA مجرد فعالية يمكن المرور عليها مرور الكرام؛ وأصبح منصة استراتيجية لاختبار السوق من الزوايا التي تهم المستثمرين، مثل التقنية، والطلب، ونضج الشركات، واتجاهات رأس المال.
ويبقى السؤال الجوهري: ما الذي يمكن أن تضيفه ثلاثة أيام على أرض المعرض، لا توفره شهور من الاجتماعات المتفرقة والعمل عن بعد؟
تجيب أربعة محاور على ذلك.
محطة رئيسية لرأس المال السيبراني
طوال 25 عاماً، حافظ Black Hat على مكانته كأحد أهم مؤتمرات الأمن السيبراني عالمياً. وتقدم نسخة الشرق الأوسط وأفريقيا في الرياض امتداداً لهذا الإرث، مدعومة ببيئة اقتصادية وتقنية تتسارع بوتيرة عالية. ومن أبرز الأرقام التي توضح حجم التأثير نتائج نسخة 2024:
- أكثر من 40 ألف متخصص في أمن المعلومات، قدموا من أكثر من 100 دولة.
- أكثر من 450 شركة عارضة و330 متحدثاً، ضمن مساحة بلغت 53 ألف متر مربع، وسجلت كأكبر فعالية للأمن السيبراني عالمياً من حيث المساحة.
- حضور مستثمرين يديرون أصولاً تتجاوز 254.4 مليار دولار.
في عام 2025، من المتوقع أن يستقطب الحدث أكثر من 45 ألف مشارك و450 جهة عارضة، وذلك في مركز الرياض للمعارض والمؤتمرات في ملهم (Riyadh Exhibition & Convention Center in Malham).
لكن الأرقام تكتسب معناها الحقيقي عند وضعها في سياقها الأوسع، تدفع رؤية 2030 في المملكة لاستثمارات ضخمة في مجالات المدن الذكية، والتقنية المالية، والذكاء الاصطناعي، والخدمات السحابية، وهي جميعها قطاعات تعتمد على أمن سيبراني متقدم.
إضافة إلى ذلك، فإن شركة تحالف (Tahaluf)، وهي الجهة المنظمة، تدير فعاليات تقنية كبرى مثل مؤتمري ليب (LEAP) وديب فيست (DeepFest)، ما يجعل من الرياض نقطة التقاء دائمة للصفقات والشراكات والاستثمارات التقنية. بالنتيجة، إن ما ينتظرك ليس مجرد معرض، إنما سوق نابض بالحياة يتضمن:
- كبار مسؤولي أمن المعلومات (CISOs) من شركات عالمية وإقليمية.
- موردين في الحوسبة السحابية، والهوية الرقمية، وأمن الأنظمة التشغيلية (OT) وأمن الذكاء الاصطناعي والخدمات المدارة.
- شركات ناشئة في مراحل مختلفة، ومساحة مصممة لتسهيل اللقاءات الهادفة.
برنامج المستثمرين (Investor Program): ثلاثة أيام لصناعة صفقات حقيقية
يرتكز برنامج المستثمرين (Investor Program 2025) على مبدأ بسيط وفعال، وهو ضغط أشهر من البحث والاجتماعات في فترة قصيرة ومكثفة. وتؤكد نتائج نسخة العام الماضي فعالية هذا النهج:
- 42 مستثمراً إقليمياً وعالمياً.
- 282 اجتماعاً منسقاً خلال ثلاثة أيام.
- أصول مدارة تقارب 254 مليار دولار.
وفي عام 2025، يرتفع عدد المستثمرين إلى أكثر من 55 جهة، مع وعد صريح باجتماعات أكثر تنظيماً، واتصالات أكثر عمقاً ومعنى.
الفكرة الأساسية للبرنامج بسيطة ومباشرة، وتتضمن تدفق صفقات يتواءم مع اهتمامات قادة الأمن السيبراني، إذ يتم اختيار الشركات الناشئة بعناية وفق القطاع، ومستوى النضج، ونموذج العمل، ثم تطابق مع المستثمر .
- تدفق صفقات يتواءم مع اهتمامات قادة الأمن السيبراني: يتم اختيار الشركات الناشئة بعناية وفق القطاع، ومستوى النضج، ونموذج العمل، ثم التطابق مع المستثمرين حسب نوع الصفقة وحجمها والموقع الجغرافي.
- اجتماعات مجدولة وواضحة: عوضاً عن اللقاءات العشوائية، تحصل على اجتماعات مجدولة مع شركات مؤهلة.
- إرشاد استراتيجي قبل القرار: تتيح الجلسات الجديدة في عام 2025 تقييماً معمقاً لاستراتيجيات النمو والدخول إلى السوق، دون التزام فوري.
- نافذة على أفضل الشركات الناشئة: متابعة مباشرة لنهائيات مسابقة Cyberseed، حيث تتنافس 8 شركات على جائزة 30 ألف دولار، ما يعد فرصة لتقييم المشاريع الواعدة عن قرب.
بناء مسار صفقات سيبراني في الرياض
السؤال الأساسي للمستثمر ليس عن عدد المشاركين أو حجم المحتوى، بقدر ما هو عن النتيجة! فكيف تتحول هذه الكثافة إلى مسار صفقات حقيقي، لا مجرد أيام مزدحمة
يمكن النظر إلى Black Hat MEA باعتباره أشبه بقمع صفقات متكامل:
- الجزء العلوي: مساحة واسعة للاكتشاف.
- المنتصف: مرحلة الفرز.
- القاعدة: فرص التمويل المشترك.
أولاً، أعلى القمع: تعرف إلى السوق قبل أن تستثمر
صمم برنامج الشركات الناشئة 2025 (Startup Program) لدعم نوعين من الشركات، بحيث يجمع الشركات الجاهزة للنمو مع المستثمرين والشركاء في بيئة مصممة لتسريع الصفقات:
- التي في بداياتها وتقدم حلولاً مبتكرة.
- التي تسعى للتوسع والنمو.
لضمان الجودة، يعتمد البرنامج على معايير واضحة لاختيار المشاركين، مثل:
- مرحلة التمويل: بين 8 و30 مليون دولار
- حجم الفريق: من 20 إلى 100 موظف
- الإيرادات: بين 10 و100 مليون دولار
تشمل الأدوات الأساسية للبرنامج:
- منصات الشركات الناشئة (Startup Pods): أجنحة صغيرة مخصصة لزيادة الوعي بالعلامة التجارية وتوليد العملاء المحتملين.
- مسابقة العروض التقديمية (Cyberseed Pitch): منافسة للعروض على المسرح. وتمنح الشركات الناشئة فرصة الفوز بتمويل دون التنازل عن حصص ملكية.
- دائرة الإرشاد (Mentorship Circuit): جلسات إرشاد مباشرة مع خبراء الأمن السيبراني والمستثمرين.
- الوصول إلى المحتوى الأساسي: الوصول إلى محتوى الحدث وتطبيق يسهل إيجاد العملاء المحتملين والشركاء.
تمنح أرقام الحدث في عام 2024 صورة واضحة عن حجم الحركة:
- نمو بنسبة 135% في الشركات الناشئة مقارنة بعام 2023.
- زيادة بنسبة 52% في العلامات المشاركة للمرة الأولى.
يتيح هذا المستوى من النشاط فرصة للمستثمر لرؤية السوق كما هو على أرض الواقع، لا من خلال العروض فقط. ولتحقيق أقصى استفادة، ينصح بالتركيز على 3 نقاط أساسية:
- التجول في منصات الشركات الناشئة (Startup Pods) والحي السيبراني (Cyber Campus) لمعاينة الحلول مباشرة والتفاعل مع المؤسسين.
- حضور الجلسات التقنية التي يقدمها المؤسسون بأنفسهم.
- رصد تفاعل مسؤولي الأمن السيبراني والشركات الكبرى مع الحلول المختلفة.
ثانياً، منتصف القمع: اجتماعات المستثمرين وبدء الفرز
بعد تحديد المجالات والشركات الواعدة، تأتي اجتماعات برنامج المستثمرين (Investor Program) باعتبارها المرحلة التي يتم فيها الفرز الحقيقي. تمتد الجلسات عادة بين 20 و30 دقيقة، وتستخدم لثلاثة أهداف رئيسية:
- اختبار مدى توافق الشركة مع أطروحتك الاستثمارية.
- تحليل قاعدة العملاء والزخم التجاري، خاصة مع وجود شركات كبرى من أكثر من 100 دولة.
- تقييم الفريق المؤسس تحت الضغط، من خلال جلسات الإرشاد أو منافسة سايبرسيد.
تؤدي دائرة الإرشاد (Mentorship Circuit) دوراً محورياً هنا، إذ تتيح لك مراقبة كيفية تفاعل المؤسسين مع الأسئلة التفصيلية وردود الفعل المباشرة. كما تساعدك البيئة المحيطة بالمستثمرين على قياس زخم السوق لحظياً:
- إذا لاحظت تركز الاهتمام حول عدد محدود من الشركات، فأنت أمام قطاع تنافسي وجاذب.
- إذا جذبتك شركة لم تحظ باهتمام واسع، فإما أنك تلتقط فرصة مبكرة أو تحتاج إلى مراجعة إضافية.
ثالثاً، قاعدة القمع: تحويل العلاقات إلى صفقات بعد الحدث
نادراً ما تغلق الصفقات داخل أرض المعرض، وهذا طبيعي، لكن Black Hat MEA يهيئ الأرضية لمحادثات جدية، حيث تكون قد خرجت ومعك:
- قائمة مختصرة من شركات جديرة بالمتابعة والتدقيق.
- شبكة مستثمرين يمكن التنسيق معهم في جولات تمويل مشتركة.
- وصول مباشر إلى عملاء محتملين شاهدوا عروض الشركات نفسها.
خطوات ما بعد الحدث:
- مكالمات تفصيلية مع المؤسسين لمراجعة المنتج والفرص.
- التحقق من العملاء عبر العلاقات التي بُنيت خلال المؤتمر.
- تنسيق جولات تمويل مشتركة مع مستثمرين التقيت بهم في البرنامج.
تعرف إلى قادة الجيل القادم في الأمن السيبراني
ما قيمة القمع إذا لم تكن الشركات الناشئة ذات جودة عالية. وهنا تبرز مسابقة سايبر سيد للشركات الناشئة كأداة فرز حاسمة. إذ تضم:
- تجمع أفضل الشركات الناشئة عالمياً في الأمن السيبراني.
- تختار 8 متأهلين نهائيين للعرض على المسرح في اليوم الأخير.
- تمنح كل شركة 5 دقائق (3 للعرض، و2 للأسئلة).
- تعتمد على تقييم دقيق يشمل النمو وقوة الفريق وتأثير السوق وجدوى الحل والاستدامة المالية.
- تقدم للفائز جائزة 30 ألف دولار دون مقابل أسهم.
تجاوزن المسابقة الإطار المحلي؛ وأصبحت جزءاً من “مسابقة المنصة العالمية للشركات الناشئة” (Global Startup Spotlight)، حيث ينتقل الفائزون للمنافسة لاحقاً في (Black Hat USA 2026) في الولايات المتحدة. وتمنح هذه المنظومة المستثمر أفضلية:
- الشركات التي تبرز في الرياض غالباً ما تكون مرشحاً عالمياً للمنافسة في لاس فيغاس العام التالي ضمن مسابقة المنصة العالمية للشركات الناشئة (Global Startup Spotlight Competition)، ما يجعل الانخراط المبكر ميزة مهمة.
- تؤكد أمثلة السنوات الماضية جدوى المشاركة، إذ بعد فوز شركة ليرا أرابيا (Leira Arabia) بمسابقة سايبر سيد، وقعت شراكات عديدة منها مذكرة تفاهم مع (T&S) وأعلنت التزامها بالعودة للمشاركة في 2025 قبل نهاية الحدث.
- تنوع القطاعات التي يسلط عليها الضوء شركاء الحدث، بعيداً عن تكرار نفس المشهد التقليدي، مثل الأمن السحابي، وأمن الذكاء الاصطناعي، وخصوصية البيانات، وأمن القطاع الحكومي، والأمن المالي، والرعاية الصحية، والدفاع، ومزودي الخدمات الأمنية المدارة، ما يعكس تحول المنطقة الرقمي السريع ضمن رؤية 2030.
لماذا يجب أن يكون Black Hat MEA 2025 على أجندتك الاستثمارية
الأمن السيبراني اليوم أكثر من مجرد نشاط تخصصي، وهو عنصر أساسي في أغلب القطاعات التقنية الحديثة. وهنا تبرز قيمة Black Hat MEA 2025 عبر ثلاث نقاط رئيسية:
إذاً، فالمشاركة في ديسمبر ليست خياراً كمالياً أو ترفاً، بقدر ما هي لحظة حاسمة للإجابة عن سؤال جوهري: هل تتابع من بعيد، أم تكون في موقع الحدث حيث تصاغ الصفقات وتبنى الشراكات؟ لن يتخذ المؤتمر القرار نيابة عنك، لكنه يمنحك خلال ثلاثة أيام صورة مركزة عن اتجاهات الأمن السيبراني، والفرق التي تشكل المشهد، والفرص التي تستحق المتابعة.







