
سحبت Amazon Web Services خطتها لبناء مركز بيانات هائل في مقاطعة لويزا بولاية فرجينيا الأميركية، بعد اعتراضات مجتمعية واسعة. المشروع كان سيُقام على مساحة 7.2 مليون قدم مربعة، ما يجعله من أكبر مراكز البيانات عالمياً، ويمثل جزءاً من استثمار أوسع بقيمة 35 مليار دولار لتعزيز بنية AWS في الولاية.
وجاء قرار الانسحاب بعد احتجاجات من السكان المحليين على المشروع الذي كان سيغطي مساحة تعادل أكثر من ألف ملعب كرة قدم، معربين عن مخاوف تتعلق بتأثيره على مصادر المياه والطبيعة الريفية للمقاطعة.
وقال تشارلز دبليو باين جونيور، المحامي الممثل لـ AWS: “استمعنا إلى صوت المجتمع ونُقدّر رغبتهم في المشاركة بشكل أوسع في أي مشاريع مستقبلية يتم اقتراحها في المقاطعة.”
تُظهر هذه القضية اتجاهاً متصاعداً في الولايات المتحدة لمعارضة مشاريع البنية التحتية الرقمية، رغم الدعم السياسي الذي تحظى به، خصوصاً بعد إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب خطة عمل وطنية للذكاء الاصطناعي تهدف إلى تسريع بناء مراكز البيانات من خلال تخفيف القيود الفدرالية.
التوسّع الرقمي يواجه معوقات محلية رغم الحوافز الحكومية
يرى مراقبون أن الحادثة تسلط الضوء على ضرورة إشراك المجتمعات المحلية في المراحل المبكرة من المشاريع التقنية الكبرى. ويقول آلان هوارد، المحلل في شركة Omdia: “في بعض الحالات، يتحوّل الحراك المجتمعي إلى عامل يعيق مشاريع اقتصادية مهمة، خصوصاً عندما لا يتم فهم طبيعة مراكز البيانات بشكل صحيح من قبل الجهات التنظيمية أو السكان.”
كان من المتوقع أن يوفر المشروع نحو 864 وظيفة، ويضيف ما يصل إلى 144 مليون دولار في العائدات الضريبية، لكن المعارضين رأوا أن هذه الفوائد لا تُعادل المخاطر البيئية والاجتماعية المحتملة.
وتبرز معركة لويزا كمثال على قوة التأثير المحلي حتى في ظل سياسات فدرالية داعمة. ورغم الوعود بتسهيلات تنظيمية للمشاريع التي تتجاوز 500 مليون دولار، إلا أن AWS واجهت عقبات على مستوى المقاطعة دفعتها إلى التراجع.
يُذكر أن AWS تنفذ حالياً مشروعين آخرين في نفس المقاطعة بقيمة 11 مليار دولار، لم يخضعا لنفس مستوى التدقيق المجتمعي، بسبب وجودهما ضمن مناطق مخصصة للبناء التقني منذ 2018. لكن السلطات المحلية عدّلت اللوائح لاحقاً لتشترط الحصول على تصاريح مشروطة لأي مشروع جديد، مع تضمين المشاركة المجتمعية.
لويزا… المقاطعة الريفية التي وقفت في وجه أحد عمالقة التقنية
تبعد مقاطعة لويزا نحو ساعتين بالسيارة عن “ممر مراكز البيانات” الشهير في مقاطعة لودون، الذي يضم أكبر تركيز لمراكز البيانات على مستوى العالم. وخلال أحد الاجتماعات العامة في كنيسة محلية، وزّع الأهالي ملصقات كتب عليها: “لا تجعلوا من لويزا نسخة من لودون”.
وكان من المقرر أن يكون المشروع أحد أكبر مراكز البيانات في أمريكا الشمالية، إلى جانب مشروع Switch في نيفادا، بينما لا يزال المركز الصيني في منطقة منغوليا الداخلية يتصدر القائمة بمساحة تتجاوز 10 ملايين قدم مربعة.
ووفق تقرير من ABI Research، تُعد AWS أكبر مشغل لمراكز البيانات حول العالم، حيث تدير 126 موقعاً حتى عام 2024، ما يمثل ربع السوق العالمي تقريباً.
ويتوقع بعض المحللين أن تحاول AWS مستقبلاً التقدم بالمشروع نفسه بعد تحسين استراتيجيتها للتواصل المجتمعي. ويقول ويل تاونسند من Moor Insights & Strategy: “الكثير من الناس لا يعرفون أن مراكز البيانات تعتمد على أنظمة تبريد متقدمة وإعادة تدوير المياه. من الواضح أن AWS استوعبت الحاجة إلى تثقيف المجتمعات قبل التقدم بأي مشروع.”
وأضاف: “صحيح أن استهلاك الطاقة يمثل تحدياً، لكن التقنيات الحديثة تتطور بسرعة لمعالجة هذه المخاوف.”