منذ بداية جائحة عام 2020، عندما لجأ الملايين حول العالم إلى الألعاب الإلكترونية للترفيه، أصبحت الصناعة واحدة من أكثر القطاعات تعرضاً للهجمات السيبرانية. ومع اتساع قاعدة اللاعبين وتزايد حجم المعاملات والبيانات الشخصية، تحول عالم الألعاب إلى بيئة مثالية للاستهداف من قِبل القراصنة.
صناعة تنمو بسرعة ومسؤوليات أمنية متزايدة
تقدر قيمة سوق الألعاب العالمي بنحو 188.8 مليار دولار في عام 2025، بزيادة 3.4% عن العام السابق. هذا النمو السريع جعل القطاع أكثر جذباً للمهاجمين الذين يستغلون ثغرات الأمن الرقمي وسلوك المستخدمين غير الحذرين، خصوصاً الفئات الشابة التي نادراً ما تولي اهتماماً كافياً بحماية حساباتها.
إعادة استخدام كلمات المرور وضعف المصادقة وتداول الحسابات بين المستخدمين كلها عوامل تزيد من احتمالات الاختراق، في وقت أصبحت فيه الحسابات الافتراضية وما تحتويه من عناصر رقمية ذات قيمة مالية حقيقية.
تصاعد هجمات DDoS على منصات الألعاب
أفاد تقرير NETSCOUT أن قطاع الألعاب كان الأكثر استهدافاً بهجمات الحرمان من الخدمة DDoS في عام 2024، مع ارتفاع حوادث الطبقة السابعة Layer 7 بنسبة 94% مقارنة بالعام السابق.
وفي أكتوبر الماضي، تعطلت عدة منصات ألعاب كبرى في وقت واحد نتيجة حملة ضخمة نسبت إلى شبكة بوت نت المعروفة باسم Aisuru. كما أكدت شركة Blizzard Entertainment تعرض خدمتها Battle.net لهجوم DDoS تسبب في بطء عمليات تسجيل الدخول وانقطاعات متكررة في عدد من ألعابها.
وقال ريتشارد هامل، مدير استخبارات التهديدات في NETSCOUT، إن “هجمات DDoS تمثل تهديداً خطيراً لصناعة الألعاب والمراهنات عبر الإنترنت، إذ يمكن استخدامها لتعطيل المنافسات أو التأثير في نتائجها لصالح أطراف معينة”.
اختراقات تكشف ضعف البنية السحابية
كشفت شركة Nintendo أن مهاجمين تمكنوا من الوصول إلى أجزاء من أنظمتها، لكن دون المساس ببيانات المستخدمين أو معلومات الدفع. وقد تبنت مجموعة تعرف باسم Crimson Collective المسؤولية ونشرت صوراً من ملفات داخلية تثبت الاختراق.
وأوضحت الشركة أن الحادث اقتصر على خوادم ويب خارجية تستضيف مواقع عامة، لكنه أظهر مدى هشاشة البنية السحابية حتى لدى الشركات الكبرى عندما يستهدف مهاجمون بنيتها التحتية العامة.
كما تحولت بعض برامج الغش غير القانونية إلى وسيلة لتوزيع البرمجيات الخبيثة، حيث يخفي المهاجمون داخلها أدوات لسرقة البيانات من أجهزة اللاعبين.
وفي حادثة أخرى، سحبت منصة Steam عرضاً تجريبياً للعبة بعد اكتشاف أنه يحتوي على برنامج info-stealer يسحب بيانات اللاعبين. كما كشف باحثو Check Point عن حملة تستغل روابط دعوات Discord منتهية الصلاحية لإعادة توجيه المستخدمين إلى خوادم ضارة.
مخاطر مواقع الطرف الثالث
تنتشر مواقع خارجية تقدم خدمات وهمية مثل بيع عملات الألعاب بأسعار منخفضة أو منح عناصر نادرة مقابل مشاركة بيانات شخصية أو تنزيل تطبيقات. تشكل هذه المواقع بوابة للاحتيال وسرقة البطاقات الائتمانية، إذ تجمع بيانات المستخدمين مثل البريد الإلكتروني وعناوين IP، وتطلب في بعض الأحيان معلومات مصرفية لإتمام عمليات الدفع.
وجد الباحثون أن المهاجمين يستخدمون بعض أسواق الألعاب في عمليات غسيل الأموال، حيث يشترون عناصر أو عملات افتراضية بأموال غير قانونية ثم ينقلونها بين حسابات متعددة قبل بيعها نقداً في أسواق ثانوية، ما يجعل تتبع مصدر الأموال شبه مستحيل.
وتواجه فرق الأمن في شركات الألعاب ضغوطاً متزايدة نتيجة وتيرة التطوير السريعة وتحديثات الأكواد المستمرة، ما يجعل إدارة الثغرات الأمنية مهمة معقدة. وغالباً ما تعاني الفرق من أدوات متفرقة ومحدودية الرؤية عبر مراحل التطوير، الأمر الذي يضعف سرعة الاستجابة ويزيد احتمالات التعرض للاختراق.
الأطر التنظيمية والتداعيات القانونية
قد تؤدي الهجمات السيبرانية على شركات الألعاب إلى عقوبات قانونية وتنظيمية، خاصة في حال تسرب بيانات المستخدمين. وتخضع الشركات لقوانين حماية البيانات مثل اللائحة الأوروبية GDPR، وقانون خصوصية المستهلك في كاليفورنيا (CCPA)، ومعايير PCI DSS 4.0 الخاصة ببيانات الدفع.
وقال ماركو غولدبرغ، المدير التنفيذي في EQS Group، إن “فشل الامتثال لا يهدد فقط من الناحية القانونية أو المالية، بل يعد خرقاً جوهرياً للثقة”. وأضاف أن “أي تسرب بيانات أو خطأ تنظيمي يصبح فوراً تحت أنظار المستخدمين والجهات الرقابية، وقد تكون آثاره على السمعة أشد ضرراً من أي غرامة مالية”.









