يشهد البحر الأحمر، وتحديداً المنطقة البحرية الممتدة بين مدينة جدة وميناء بورتسودان، تصاعداً في حالات التشويش والتضليل على إشارات أنظمة تحديد المواقع العالمية (GPS)، في ما يُصنّف ضمن الهجمات السيبرانية الموجهة للبنية التحتية للملاحة البحرية.
ووفقاً لتحذير نشره الخبير البحري مارتن كيلي، رئيس وحدة الاستشارات في مجموعة «EOS Risk»، فقد أسفر هذا النشاط الإلكتروني العدائي عن حادثة جنوح سفينة بالقرب من سواحل جدة، نتيجة لانحراف موقعها بفعل الإشارات المضلّلة.
نوعان من الهجمات الإلكترونية
يوضح كيلي أن هناك نوعين رئيسيين من الهجمات المتكررة في المنطقة:
أولاً: التضليل الإلكتروني (AIS Spoofing)، ويُقصد به بث إشارات شبيهة بإشارات أنظمة الملاحة الفضائية (GNSS) من مصدر محلي، بطريقة تُخدع فيها أجهزة الاستقبال في السفينة لتعتقد أنها في موقع مختلف عن موقعها الحقيقي. ويتم ذلك إما عبر توليد إشارات زائفة تحاكي البنية الأصلية لإشارات GNSS، أو من خلال إعادة بث إشارات أصلية تم التقاطها من أماكن أو أوقات مختلفة. هذا النوع من الهجمات يمكن أن يؤدي إلى تحريك السفينة افتراضياً إلى موقع آخر، أو تغيير توقيت وجودها في الموقع الحالي.
ثانياً: التشويش (AIS Jamming)، وهو منع أجهزة الاستقبال من التقاط إشارات GNSS عبر بث إشارات تغطّي عليها. وبما أن إشارات GNSS بطبيعتها ضعيفة جداً، فإن أقل تدخل من مصدر تشويش، حتى من أجهزة بسيطة، قد يسبب خللاً كبيراً في تحديد الموقع أو الزمن. وغالباً ما يصعب على أطقم السفن التمييز بين تأثيرات التشويش والتضليل، خاصة في الحالات الطفيفة.
ظهور السفن والمستخدمين في مواقع غير متوقعة
في سياق متصل، تُظهر الخرائط الملاحية الحديثة عدداً من رموز السفن وهي تظهر داخل اليابسة في السودان، بعيداً عن المسارات البحرية المعروفة، وهو ما يعكس آثاراً مباشرة للتضليل الإلكتروني على أنظمة الملاحة. ولا يقتصر الخلل على السفن فحسب، بل لاحظ العديد من المستخدمين في المنطقة الغربية من المملكة العربية السعودية خلال اليومين الماضيين أن مواقعهم على خرائط Google تظهر داخل الأراضي السودانية، الأمر الذي أثار تفاعلاً واسعاً عبر وسائل التواصل.
توصيات ملاحية عاجلة
وأوصى كيلي الملاحين باستخدام تقنيات ملاحة تقليدية غير معتمدة على GNSS، خصوصاً في المناطق المعروفة بهذا النمط من الهجمات الإلكترونية. وأكد أن فقدان الإشارة الكامل قد يُرصد بسهولة، لكن التغييرات الطفيفة الناتجة عن التشويش تُعد خطرة، لأنها تُنتج معلومات مضللة دون أن يُدركها الطاقم.
ويشكل البحر الأحمر أحد أكثر الممرات البحرية استخداماً عالمياً، ويُعد أي اضطراب في الملاحة ضمنه تهديداً مباشراً لأمن التجارة وسلامة السفن في المنطقة.
