
تواجه المؤسسات حول العالم ضغوطاً متزايدة على ميزانيات الأمن السيبراني بفعل التحديات الاقتصادية والتوترات الجيوسياسية، وهو ما دفعها للاعتماد بشكل متنامٍ على الأتمتة والذكاء الاصطناعي لتعويض النقص في الكفاءات وتعزيز قدرتها على التصدي للتهديدات المتصاعدة.
وبحسب تقارير متخصصة صادرة عن IANS وSwimlane، فإن الإنفاق على الأمن السيبراني ما زال في نمو، لكنه تباطأ بشكل ملحوظ، حيث تراجعت نسبة النمو من 17% في عام 2022 إلى 4% في 2025. ويرجع هذا التراجع إلى حالة عدم اليقين التي تشهدها الأسواق العالمية، وتقلبات أسعار الفائدة والتضخم، إلى جانب التوترات السياسية. في المقابل، تشير تقديرات مؤسسة Gartner إلى أن حجم الإنفاق العالمي على أمن المعلومات سيبلغ 213 مليار دولار هذا العام، مع توقع وصوله إلى 240 مليار دولار في 2026.
هذا التراجع في وتيرة النمو لا يظهر في قطاع الأمن السيبراني وحده، بل يمتد إلى قطاعات أعمال أخرى، حيث أصبحت الكفاءة التشغيلية والربحية والإنتاجية عناصر أساسية في تحديد أولويات الإنفاق. وانعكست هذه الضغوط على فرق الأمن السيبراني، فزادت فجوات الكفاءات، وتراجعت المشاريع الجديدة أو تأجلت، في حين ارتفعت المخاطر التنظيمية والامتثال.
التقارير أشارت أيضاً إلى أن السياسات الوطنية تؤثر بشكل مباشر على سوق الأمن السيبراني العالمي. فبعض القرارات، مثل تقليص التمويل لهيئات حكومية متخصصة أو إعادة هيكلة مجالس التنسيق، أدت إلى إبطاء تبادل المعلومات وضعف الاستثمارات الداخلية. وامتد أثر ذلك إلى عدة أسواق، حيث اتجهت مؤسسات أوروبية مثلاً إلى تنويع مورديها والاعتماد بدرجة أكبر على مزوّدين محليين أو إقليميين، وهو توجه متوقع أن يتكرر في مناطق أخرى مع ازدياد الاهتمام بالسيادة الرقمية.
وفي ظل هذه المتغيرات، تتجه المؤسسات إلى الأتمتة واعتماد “الذكاء الاصطناعي الوكيل” (Agentic AI) لتقليص الحاجة إلى التدخل البشري، رغم أن ذلك يوسّع سطح الهجوم ويخلق تحديات أمنية إضافية. التقارير لفتت إلى أن أدوات الذكاء الاصطناعي باتت تتولى مهام مثل فرز التنبيهات واكتشاف التهديدات، ما يخفف الضغط على الفرق الأمنية التي تعمل بموارد محدودة.
هذه التحولات تأتي في وقت يتسم بتعقيد أكبر في مشهد التهديدات، مع تصاعد “الجرائم السيبرانية كخدمة” (Cybercrime-as-a-Service)، وازدياد نشاط مجموعات التهديد الوطنية المدعومة من دول، الأمر الذي يجعل إعادة صياغة استراتيجيات الدفاع الرقمي ضرورة ملحة لمختلف المؤسسات حول العالم.