
أكدت الحكومة البريطانية المضي قدماً في تنفيذ قرار حظر دفع الفدية من قبل الجهات العامة والمنشآت الحيوية الوطنية، بعد أن أظهر ثلاثة أرباع المشاركين في الاستشارة العامة، التي أُطلقت في يناير 2025، تأييدهم لهذا التوجه.
ويهدف الحظر إلى تعزيز حماية الخدمات الأساسية مثل المستشفيات والمدارس وقطاع النقل من هجمات الفدية، من خلال جعل هذه الجهات أقل جذباً لعصابات الفدية الإلكترونية.
وتعرضت العديد من الخدمات العامة في المملكة المتحدة لهجمات فدية خلال العام الماضي، بما في ذلك مجالس محلية ومستشفيات. وقد دعت هيئة الخدمات الصحية الوطنية (NHS England) في مايو مورّديها إلى تبني ممارسات أمنية صارمة لمواجهة ما وصفته بالتهديد “المتأصل”.
أما الشركات غير المشمولة بالحظر، فستُطلب منها إبلاغ الحكومة عند نيتها دفع الفدية، حيث ستقدم السلطات النصح والمشورة، بما في ذلك التحذير من أن الدفع لمجموعات مدرجة على قوائم العقوبات قد يُعد انتهاكاً قانونياً.
وقال وزير الأمن، دان جارفس، تعليقاً على القرار: “هجمات الفدية جريمة مفترسة تهدد المواطنين، وتدمّر سبل العيش، وتُعرض خدماتنا الحيوية للخطر. لهذا نحن ملتزمون بتحطيم نموذج عمل مجرمي الإنترنت، وحماية خدماتنا بينما نمضي في تنفيذ خطة التغيير”.
نظام إلزامي جديد للإبلاغ عن حوادث الفدية
كجزء من حزمة الإجراءات لمكافحة الفدية، تعهدت الحكومة البريطانية أيضاً بإنشاء نظام إلزامي للإبلاغ عن حوادث الفدية.
وأشارت الحكومة إلى وجود دعم قوي لهذا النظام خلال الاستشارة العامة، مشددة على أن الإبلاغ الإلزامي سيسهم في تعزيز المعلومات الاستخباراتية المتاحة لدى أجهزة إنفاذ القانون، ما يدعم بدوره العمليات الدولية لاستهداف عصابات الفدية.
خبراء يحذرون من تبعات غير مقصودة
رغم التأييد الشعبي، أعرب عدد من الخبراء عن قلقهم إزاء فاعلية هذه الخطط، محذرين من احتمال ظهور “نظام مزدوج”، حيث تتعرض الشركات غير المشمولة بالحظر لهجمات أكبر باعتبارها أهدافاً أكثر ربحاً.
وتشمل المخاوف أيضاً احتمال توجه الضحايا إلى إخفاء الهجمات أو استخدام وسطاء خارجيين لدفع الفدية بعيداً عن أعين السلطات، في محاولة للالتفاف على الحظر.
كما يُتوقع أن تلجأ بعض الجهات إلى تصنيف الهجمات بشكل خاطئ لتفادي الرقابة أو العقوبات المحتملة.
وفي هذا السياق، تساءل كيف برين، مدير أول استخبارات التهديدات السيبرانية في شركة Immersive، قائلاً: “هل تدفع هذه الإجراءات بعض الشركات إلى التوقف عن الإبلاغ؟ إذا كان الخيار هو التعافي السريع عبر الدفع، مقابل عدم القدرة على التعافي بسبب الحظر، فقد تميل بعض الجهات إلى الدفع دون التبليغ”.
وأشار مارك جونز، الشريك في قسم تسوية النزاعات بمكتب Payne Hicks Beach، إلى دراسة أجريت في إيطاليا – حيث يُعد الدفع لمهاجمي الفدية غير قانوني – أظهرت أن 43٪ من المنظمات اعترفت رغم ذلك بأنها دفعت فديات.