تواجه الشركات حول العالم تصاعداً في الدعاوى القضائية المتعلقة بكيفية جمعها ومشاركتها لبيانات المستخدمين على الإنترنت، في وقت تكشف فيه تحليلات شركة التأمين السيبراني Coalition استغلال القوانين القديمة للخصوصية لرفع دعاوى جديدة ضد الشركات بمختلف أحجامها، بعد أن كانت تقتصر سابقاً على عمالقة التقنية.
أظهرت دراسة Coalition التي شملت نحو 200 مطالبة تأمينية مرتبطة بخصوصية البيانات، وفحصت 5,000 موقع إلكتروني تجاري، أن 77% من دعاوى “الجمع الخاطئ” للبيانات مصدرها نشاطات الإنترنت، وغالباً ما تتعلق بأدوات التتبع اليومية المستخدمة في المواقع. وتشمل هذه الأدوات عناصر تحليل البيانات، والبكسلات، والدردشات التفاعلية، التي أصبحت محوراً لدعاوى تتهم الشركات بجمع معلومات المستخدمين أو مشاركتها دون علمهم أو موافقتهم. وتم الاستشهاد بأداة Meta Pixel في 43% من مجمل القضايا.
وتبين أن أبرز التهم الموجهة كانت إساءة استخدام أدوات التحليل، التي وردت في ثلاثة أرباع الحالات تقريباً، وغالباً ما تعود إلى برمجيات يتم تثبيتها بشكل تلقائي دون إدراك المؤسسات لتبعاتها القانونية.
القوانين القديمة وتفسيراتها الحديثة
أوضحت الدراسة أن نحو ثلاثة أرباع دعاوى الخصوصية الإلكترونية استندت إلى قانون انتهاك الخصوصية في كاليفورنيا الصادر عام 1967، في حين أشارت نسبة ضئيلة فقط إلى القوانين الحديثة مثل GDPR وCCPA. كما أعيد إحياء تشريعات قديمة مثل قانون حماية خصوصية الفيديو لعام 1988 واستخدامها في سياقات جديدة.
ويعني ذلك أن المؤسسات قد تتعرض للمساءلة حتى إن كانت ملتزمة بالإطار التنظيمي الحديث، إذ يمكن اتهامها بمخالفة قوانين مكتوبة من عقود قبل ظهور أدوات التتبع الرقمية. وفي كاليفورنيا، يسعى مشرعون عبر مشروع القانون SB 690 إلى الحد من موجة الدعاوى، لكن حتى صدور تشريعات جديدة، تستمر مكاتب المحاماة في استخدام القوانين القديمة بفعالية. وأشارت Coalition إلى أن 4 مكاتب قانونية فقط تقف وراء 72% من مجمل الدعاوى، وغالباً ما تبدأ القضايا بخطابات موحّدة تطالب بتسويات سريعة لتجنب المحاكمات الطويلة.
مخاطر كبيرة على الشركات الصغيرة
كشفت الدراسة أن 59% من دعاوى الخصوصية على الويب استهدفت شركات تقل إيراداتها عن مئة مليون دولار، وهي الفئة التي تعتمد عادة على أدوات تسويقية وتحليلية خارجية تجعلها أكثر عرضة للاتهام بجمع البيانات دون إذن. وبرزت شركات التجزئة والضيافة في مقدمة المتأثرين، إلى جانب مؤسسات الرعاية الصحية التي تواجه تدقيقاً خاصاً نظراً لحساسية بيانات المرضى.
كما أظهرت البيانات أن قطاعات صناعية وغير ربحية تواجه أيضاً دعاوى مماثلة، وأن العديد من القضايا مرفوعة ضد شركات خارج كاليفورنيا، إذ إن قوانين الولاية تنطبق على بيانات المقيمين فيها بغض النظر عن موقع الشركة.
كمت دخلت أدوات المحادثة الذكية على خط المخاطر القانونية، إذ شكلت 5% من القضايا، رغم حداثة استخدامها. وادعت الدعاوى أن هذه الأدوات سجلت محادثات العملاء دون إخطارهم، ما يعد انتهاكاً لقوانين التنصت القديمة. وتكررت الحالات التي فشلت فيها بوتات الدردشة في توضيح تسجيل الحوار، ما أدى إلى اتهامات بانتهاك الخصوصية.
تأخر ضوابط الخصوصية
أظهرت عمليات المسح التي أجرتها Coalition أن 19% فقط من الشركات تعرض شريط موافقة لإبلاغ الزوار بسياسات جمع البيانات، بينما تصل النسبة إلى 61% في المواقع ذات الزيارات العالية. ويظل عدد كبير من المواقع الصغيرة دون أي إشعارات خصوصية واضحة.
وتبين أن نصف سياسات الخصوصية المدروسة تكتفي بعبارات عامة حول التتبع، في حين أن أقل من ثلثها يذكر التقنيات المستخدمة تحديداً. كما أن 37% فقط من المواقع منخفضة الزيارات حدثت سياسات الخصوصية خلال العام الماضي، مقابل 71% من المواقع الكبيرة. وتشير هذه الفجوة إلى أن المؤسسات الصغيرة تتعامل مع الخصوصية كإجراء لمرة واحدة، لا كعملية مستمرة.
وأظهرت نتائج التحليل أن وتيرة التقاضي تتجاوز قدرة الجهات التنظيمية على المواكبة، ومع توسع استخدام القوانين القديمة، تزداد أعداد الشركات المنخرطة في القضايا. وأشارت Coalition إلى أن كثيراً من المؤسسات لا تملك رؤية دقيقة حول أدوات التتبع المفعلة عبر نطاقاتها الإلكترونية، وأن قوائم الامتثال التقليدية لم تعد كافية. وتعتمد هذه القضايا على نقاط الضعف في الالتزام، مثل سياسات الخصوصية الغامضة وآليات الموافقة القديمة أو عمليات مشاركة البيانات الخفية.
