الاستثمار الجريء في شركات الأمن السيبراني ينمو عالميًا.. والسعودية تدخل المشهد بقوة

شهدت الشركات الناشئة في قطاع الأمن السيبراني طفرة استثمارية ملحوظة خلال الربع الأخير من عام 2024، حيث تدفقت مليارات الدولارات من صناديق رأس المال الجريء لدعم هذا القطاع، وفقًا لبيانات جديدة من شركة “PitchBook”.

وبحسب تقرير “اتجاهات الاستثمار الجريء في أمن المعلومات للربع الرابع 2024″، فقد تم ضخ 3.5 مليار دولار في الشركات الناشئة في أمريكا الشمالية وأوروبا خلال هذه الفترة، ما يمثل ارتفاعًا بنسبة 35% مقارنة بالعام السابق، وزيادة بنسبة 44% مقارنة بالربع الثالث من نفس العام.

ورغم هذه الزيادة في حجم الاستثمارات، انخفض عدد الصفقات المبرمة إلى 203 صفقات، بتراجع نسبته 11% مقارنة بالربع السابق و15% على أساس سنوي، وهو ما يعكس توجهًا نحو تمويل عدد أقل من الشركات، ولكن بجولات استثمارية أكبر، مما يشير إلى تركيز المستثمرين على الشركات الأكثر نضجًا والأعلى جودة.

تغيرات في أولويات الاستثمار السيبراني عالميًا

على مدار عام 2024، بلغ إجمالي الاستثمارات في شركات الأمن السيبراني الناشئة حوالي 13 مليار دولار، بارتفاع قدره 8% عن عام 2023، رغم انخفاض عدد الصفقات بنسبة 13% ليصل إلى 910 صفقات. وعلى الرغم من هذا النمو، إلا أن السوق لا يزال بعيدًا عن الذروة التي بلغها في عام 2021، عندما سجل 28.1 مليار دولار عبر 1396 صفقة.

كما كشف التقرير أن الاستثمارات تركزت بشكل متزايد على الشركات التي وصلت إلى مراحل متقدمة، حيث استحوذت الشركات في مرحلة ما قبل الاكتتاب العام (Late-stage funding) على 5.1 مليار دولار، مقارنة بـ 2.7 مليار دولار للشركات الناشئة المبكرة (Early-stage funding)، و1 مليار دولار في مرحلة التمويل الأولي (Seed funding)، بينما بلغت استثمارات نمو المشاريع حوالي 4.3 مليار دولار.

ومن بين القطاعات الفرعية الأكثر استقطابًا للاستثمارات، تصدرت شركات الأمن السيبراني المتخصصة في حماية البيانات القائمة، حيث جمعت 1.7 مليار دولار عبر 27 صفقة، تلتها شركات أمن الأجهزة الطرفية (Endpoint Security) التي حصلت على 628 مليون دولار عبر 22 صفقة، ما يعكس تصاعد المخاطر المرتبطة بسرقة البيانات وزيادة المتطلبات التنظيمية المتعلقة بحماية المعلومات.

السعودية تدخل المشهد الاستثماري بقوة

في الوقت الذي تشهد فيه الأسواق العالمية إعادة هيكلة لاستثمارات الأمن السيبراني، بدأت السعودية في ترسيخ موقعها كمركز ناشئ لدعم الشركات السيبرانية الناشئة، حيث شهد عام 2024 عدة استثمارات بارزة في هذا المجال.

وبحسب تقرير “الاستثمار الجريء في السعودية لعام 2024” الصادر عن الشركة السعودية للاستثمار الجريء (SVC)، تم توجيه تمويلات ملحوظة لعدة شركات ناشئة متخصصة في الأمن السيبراني، أبرزها:

• سايفر Cipher: نجحت في إتمام جولة تمويل متقدمة بقيمة 50 مليون ريال سعودي بقيادة Impact46، مما يعزز خططها للنمو والتحضير للاكتتاب العام.
• رقيب Raqeeb: حصلت على تمويل أولي بقيمة 100 ألف دولار من صندوق Orange Corners، وهو استثمار استراتيجي لدعم تطوير تقنيات مراقبة التهديدات في الإنترنت المظلم.
• سايبرني Cyberni: تلقت تمويلًا تأسيسيًا من Flat6Labs، وهو ما وفر لها منصة تسريع أعمال تتيح لها التوسع في تقديم حلول استخبارات التهديدات السيبرانية.

تؤكد هذه الاستثمارات أن السوق السعودي بدأ يجذب اهتمام المستثمرين العالميين في مجال الأمن السيبراني، مدعومًا بتوجه المملكة نحو التحول الرقمي وتبني تقنيات الأمن السيبراني كجزء من استراتيجياتها الوطنية.

نظرة مستقبلية: هل يستمر الزخم؟

على الرغم من أن سوق الاستثمار الجريء العالمي لا يزال يواجه تحديات، إلا أن الأمن السيبراني أثبت أنه قطاع مقاوم للأزمات الاقتصادية، حيث يستمر الطلب القوي على الحلول الأمنية في ظل تصاعد الهجمات السيبرانية.

بالنسبة للسعودية، يُتوقع أن تستمر بيئة الاستثمار في الأمن السيبراني بالنمو، مدعومة برؤية 2030 التي تُشجع الابتكار في المجال التقني، وتحفيز الشركات الناشئة على التوسع محليًا ودوليًا.

وفي ظل هذا الزخم، من المرجح أن نشهد مزيدًا من الاستثمارات في الشركات الناشئة السيبرانية في المنطقة خلال السنوات المقبلة، مما يعزز مكانة السعودية كمركز استثماري ناشئ في هذا القطاع الحيوي.