
بات الذكاء الاصطناعي جزءًا من حياتنا اليومية، ولم يعد مجرد رفاهية. سواء كنت تستخدمه في كتابة بريد إلكتروني أو لإنجاز مهام متكررة، فأنت تتفاعل معه بطريقة أو بأخرى، حتى لو لم تكن مدركًا لذلك أو حتى راغبًا فيه.
البيانات المستخدمة في تدريب الذكاء الاصطناعي: أين تكمن المشكلة؟
كل ما تنشره على الإنترنت، على الأرجح، قد تم استخدامه في تدريب نماذج الذكاء الاصطناعي التوليدية، سواء وافقت على ذلك أم لا. الشركات التقنية استغلت كل وسيلة ممكنة لجمع البيانات المتاحة، تحت مبرر تطوير هذه النماذج. لكن هذا يثير تساؤلًا جوهريًا: ما نوع البيانات التي تم استخدامها؟ وهل كان ذلك قانونيًا؟
رغم تصاعد الدعاوى القضائية والتحقيقات حول استغلال البيانات في التدريب، لم يحدث تغيير جوهري في سياسات الشركات التقنية. لا يزال المستخدم غير قادر على التحكم الكامل في استخدام بياناته. ومع ذلك، لا يعني ذلك فقدان السيطرة تمامًا، لكنه يجعل الأمر أكثر تعقيدًا. بياناتك قد تكون استخدمت بالفعل، والسؤال الحقيقي هو: كيف تحمي ما لم يُستخدم بعد؟
التحديات في التحكم بالبيانات: إعدادات الاشتراك التلقائي
أحد أكبر العوائق هو أن معظم نماذج الذكاء الاصطناعي تعمل وفق نظام “الاشتراك التلقائي” (Opt-in)، ما يعني أن أي بيانات يتم إدخالها قد تُستخدم في التدريب. بعض الشركات لا توفر خيار “إلغاء الاشتراك” (Opt-out) بسهولة، لأنها تدرك أن المستخدم العادي لن يبحث عنه.
لكن ليس جميع النماذج كذلك. على سبيل المثال، نموذج Claude لا يعتمد على بيانات المستخدم المدخلة تلقائيًا في التدريب. أما البيانات التي سبق استخدامها، فالأمر أكثر تعقيدًا. الباحثون وصفوا محاولة جعل النماذج “تنسى” البيانات التي تدربت عليها بأنها “معركة شاقة”، بسبب التعقيدات التقنية والقانونية المصاحبة لذلك.
كيف تعرف ما إذا كانت بياناتك قد استُخدمت في تدريب الذكاء الاصطناعي؟
عند الحديث عن البيانات، فإننا نشير أساسًا إلى النصوص والصور. إذا كنت تريد معرفة ما إذا كانت صورك قد استُخدمت، يمكنك الاستعانة بأداة “Have I Been Trained”، التي يعتمد عليها الفنانون لمعرفة ما إذا كانت أعمالهم قد دخلت في تدريب النماذج. لكن فيما يخص النصوص، لا توجد حتى الآن أداة مشابهة، ما يعكس فجوة كبيرة في الشفافية حول بيانات المستخدمين.
كيف تمنع شركات التواصل الاجتماعي من استخدام بياناتك في تدريب الذكاء الاصطناعي؟
رغم تعقيد المشهد، لا يعني ذلك أنك لا تملك أي سيطرة. لا يزال بإمكانك الحد من استخدام بياناتك، لكن ذلك يعتمد على المنصة التي تستخدمها. وهنا تنقسم المنصات إلى فئتين:
1. منصات لا توفر أي خيارات لمنع استخدام بياناتك في تدريب الذكاء الاصطناعي
- WhatsApp، TikTok، وReddit لا تتيح حتى الآن خيار إلغاء الاشتراك.
- Snapchat أيضًا لا يوفر هذا الخيار، لكن إذا كنت مشتركًا في Snapchat+ وتستخدم ميزة MyAI، يمكنك حذف بيانات الدردشة باتباع خطوات محددة.
2. منصات تتيح التحكم في استخدام بياناتك في التدريب
Facebook:
- افتح التطبيق أو الموقع الإلكتروني.
- انتقل إلى الإعدادات والخصوصية > مركز الخصوصية.
- مرر لأسفل إلى قسم موضوعات الخصوصية واختر الذكاء الاصطناعي في Meta.
- اضغط على تقديم طلب اعتراض.
- أدخل بريدك الإلكتروني ووضح سبب اعتراضك.
- اضغط إرسال.
Instagram:
- افتح التطبيق.
- انتقل إلى الإعدادات والنشاط > مركز الخصوصية.
- اختر الذكاء الاصطناعي في Meta، ثم اضغط تقديم طلب اعتراض.
- أدخل بريدك الإلكتروني واشرح تأثير استخدام بياناتك.
- قم بإرسال الطلب.
Twitter (X):
- انتقل إلى الإعدادات والخصوصية > الخصوصية والأمان.
- اختر مشاركة البيانات وتدريب الذكاء الاصطناعي.
- قم بتعطيل السماح بتدريب الذكاء الاصطناعي على محتواي.
LinkedIn:
- انتقل إلى الإعدادات والخصوصية > خصوصية البيانات.
- ابحث عن تدريب بيانات الذكاء الاصطناعي.
- قم بتعطيل الخيار.
التزام الشركات التقنية بحماية البيانات: بين التصريحات والواقع
رغم تعهد الشركات التقنية بحماية بيانات المستخدمين، لا تزال البيانات تُستخدم في تدريب النماذج بشكل افتراضي في كثير من الحالات.
- Copilot من Microsoft لم يوفر خيار إلغاء الاشتراك إلا بعد أكثر من عام على إطلاقه.
- Gemini من Google يوفر خيار إلغاء الاشتراك عبر الإعدادات > Gemini Apps Activity، لكن حتى بعد حذف المحادثات، قد تظل البيانات مخزنة لمدة تصل إلى ثلاث سنوات.
- Meta لا تقدم خيارًا مباشرًا لإلغاء الاشتراك، لكنها تتيح للمستخدمين حذف سجل المحادثات عبر meta.ai.
- ChatGPT من OpenAI يتيح تعطيل تحسين النموذج للجميع عبر الإعدادات > ضوابط البيانات.
- DALL-E يسمح للمبدعين بإرسال طلب رسمي لإزالة أعمالهم من عمليات التدريب.
الخلاصة
رغم أن بعض المنصات تمنح المستخدمين خيار التحكم في بياناتهم، فإن كثيرًا منها لا يزال يفتقر إلى ذلك. ومع تزايد الجدل حول استخدام البيانات في تدريب الذكاء الاصطناعي، لا تزال الشركات التقنية الكبرى مترددة في منح المستخدمين سيطرة كاملة على معلوماتهم.
حتى مع ظهور بعض خيارات “إلغاء الاشتراك”، فإنها غالبًا ما تأتي متأخرة أو غير واضحة بما يكفي. ومع تصاعد القلق حول الخصوصية، أصبح من الضروري أن توفر الشركات مزيدًا من الشفافية بشأن كيفية استخدام بيانات المستخدمين.
لكن يبقى السؤال الأهم: هل سيتمكن المستخدمون يومًا ما من استعادة السيطرة الكاملة على بياناتهم، أم أن الذكاء الاصطناعي سيفرض واقعًا جديدًا لا مفر منه؟