
في الوقت الذي تحتدم فيه المواجهات الواقعية بين إسرائيل ووكلاء إيران، تتصاعد المعركة في الفضاء السيبراني بوتيرة مختلفة. وعلى الرغم من تباطؤ وتيرة الهجمات مؤخرًا، إلا أن مستوى تعقيدها وتقنياتها قد تطوّر بشكل ملحوظ، بحسب تقرير نشره موقع دارك ريدينغ المتخصص في شؤون الأمن السيبراني.
أفادت التقارير أن الحوادث السيبرانية المُبلّغ عنها في إسرائيل ارتفعت بنسبة 24% خلال عام 2024، مدفوعة في الغالب بهجمات مصدرها إيران وميليشيات تابعة لها. ووفقًا لبيانات المديرية الوطنية السيبرانية الإسرائيلية التي نقلها موقع دارك ريدينغ، فقد أُصدر 736 تنبيهًا أمنيًا خلال العام، منها 518 “تنبيهًا أحمر” موجهًا لجهات محددة. كما ارتفعت البلاغات الواردة إلى خط الطوارئ 119 بنسبة 24%، حيث بلغت 17,078 بلاغًا خلال العام.
في إحاطة مغلقة أُجريت بمقر المديرية، أُشير إلى أن الاتصالات بعد هجمات 7 أكتوبر ارتفعت عشرة أضعاف، من 50 بلاغًا يوميًا إلى أكثر من 500. كما تضاعف عدد التهديدات المتقدمة المستمرة (APT)، بحسب مصادر تحدثت لموقع دارك ريدينغ.
تطوّر ثلاثي المراحل للحرب السيبرانية
صرّح توم ألكسندروفيتش، المدير التنفيذي لإدارة الدفاع في المديرية الوطنية السيبرانية، أن الحرب تطوّرت عبر ثلاث مراحل، وقد دخلت حاليًا “المرحلة الثالثة” التي تتميز بهجمات أكثر تطورًا وأقل عددًا. وأوضح في حديثه لـدارك ريدينغ أن المهاجمين تحوّلوا من استخدام أدوات بدائية إلى أدوات أكثر تطورًا، مثل برمجيات الإدارة عن بُعد (RMMs) والبرمجيات الشرعية المثبتة على الأنظمة، ما يجعل رصد الهجمات واحتوائها أكثر صعوبة.
استهداف منهجي للبنية التحتية
بحسب ما أورد الموقع، استُهدفت قطاعات متعددة مثل مزودي الخدمات المُدارة (MSPs)، والنقل، والإمدادات الغذائية، وأنظمة الكاميرات، وحتى سلاسل التوريد المرتبطة بأنظمة الدفاع الصاروخي. وتُشكّل هذه القطاعات جزءًا من المنظومة الداعمة لعمليات الجيش الإسرائيلي.
وفي إطار مبادرة “القبة السيبرانية”، ذكر ألكسندروفيتش أنهم حددوا قرابة 3000 شركة تُقدم خدمات مهام حرجة، وتم تقديم نوع من “الحماية المظلية” لها باستخدام الذكاء الاصطناعي وتحليلات البيانات، في مشروع يُنظر إليه كموازٍ رقمي لمنظومة “القبة الحديدية”.
حرب استنزاف رقمية
ورغم تطور نوعية الأهداف، لم تفقد الهجمات التعطيلية أثرها النفسي. ويضيف ألكسندروفيتش: “تخيّل أن يتم إبلاغك يوميًا بأن هناك حادثة سيبرانية في مؤسستك، أثناء فترة حرب. إنهاك مستمر، وهذا هو الهدف الحقيقي من تلك الهجمات”.
وفي مساء اليوم نفسه، استهدفت مليشيات الحوثي إسرائيل بصاروخ باليستي تم اعتراضه دون إصابات. وهكذا تواصل الحرب السيبرانية نسج خيوطها بالتوازي مع المعركة على الأرض، مستنزفة قدرات الخصم في كل الجبهات.