في مطلع ديسمبر، تتحول الرياض من مجرد محطة مؤتمرات إلى مركز نابض لمجتمع الأمن السيبراني. أصبحت وجهة يجتمع فيها مدراء أمن المعلومات، مع الفرق الحمراء، والجهات التنظيمية، وباحثي الذكاء الاصطناعي، والطلاب، ورواد الابتكار، في مشهد يعكس تنوع وتكامل هذا القطاع الحيوي.
من 2 إلى 4 ديسمبر 2025، تستضيف المملكة مجدداً مؤتمر Black Hat Middle East & Africa، أحد أسرع فعاليات الأمن السيبراني نمواً عالمياً. يتوقع أن يجذب الحدث أكثر من 45,000 زائر، ويضم أكثر 450 شركة وقرابة 300 متحدث، ما يعزز مكانته كمنصة عالمية لتبادل الخبرات والابتكار في هذا المجال الحيوي.
بالنسبة لمدراء أمن المعلومات، لم يعد حضور المؤتمر خياراً قابلاً للنقاش، لكنه فرصة يقيمها المدير من زاوية العائد الاستراتيجي. السؤال الحقيقي أصبح: “ما الذي سأضيفه إلى عملي واستراتيجيتي خلال العامين المقبلين؟”.
فيما يلي عرض مبسط لأبرز الأسباب التي تجعل الحدث منصة استراتيجية وليست مجرد زيارة للمعرض:
أولاً: يساعد Black Hat MEA مدراء أمن المعلومات على مواكبة دورهم المتطور
لم يعد مدير أمن المعلومات محصوراً في الجوانب التقنية، إذ أصبح مسؤولاً عن إدارة منظومة معقدة من المخاطر والاستراتيجيات، ويتعامل مع مسؤوليات واسعة تشمل:
- تفسير موجة التحولات التي يقودها الذكاء الاصطناعي دون كبح الابتكار.
- حماية بيئات متعددة السحب (Multi-Cloud) وعن أنظمة التشغيل الصناعية (OT).
- متابعة تطورات الجغرافيا السياسية والتشريعات وسلاسل التوريد.
- بناء فرق متخصصة في ظل نقص عالمي في الكفاءات.
تجمع منصة Black Hat MEA هذه التحديات في مكان واحد، لتسهيل التخطيط والمراجعة الاستراتيجية.
لماذا يجب على مدير أمن المعلومات حضور Black Hat MEA؟
شهدت نسخة 2024 أرقاماً واسعة:
- أكثر من 40,000 متخصص.
- أكثر من 450 شركة.
- نحو 300 متحدث.
- مشاركون من 100–120 دولة.
وتحافظ نسخة 2025 على المستوى نفسه من الزخم.
وصفت مجلة “مدير أمن المعلومات الذكي” (Intelligent CISO)، مؤتمر Black Hat MEA بأنه “المسرح العالمي للأمن السيبراني”، في إشارة إلى دوره المحوري في ترسيخ مكانة الرياض بين أهم العواصم العالمية لهذا القطاع.
عملياً، ما الذي يعنيه ذلك لمدير أمن المعلومات؟
فرصة لمقارنة برامجهم الأمنية بنظرائهم من أوروبا وأمريكا الشمالية وآسيا وإفريقيا.
الاطلاع المباشر على تقنيات ومنتجات مستقبلية من كبار الموردين.
بناء علاقات مع صانعي السياسات والمستثمرين والجهات الوطنية مثل الاتحاد السعودي للأمن السيبراني والبرمجة والدرونز (SAFCSP)، وشركة “التحالف” (Tahaluf).
ثانياً: مساحات مخصصة لمدراء الأمن السيبراني في Black Hat MEA للتخطيط والنقاش وبناء العلاقات الاستراتيجية
خلافاً للمؤتمرات التقليدية التي تكتفي بالعروض العامة، يوفر Black Hat MEA لمدراء الأمن السيبراني منصات خاصة للنقاش العملي بعيداً عن الضجيج الإعلامي:
ملتقى القادة التنفيذيين (Executive Summit): مساحة تفكير لا جلسات بروتوكولية
يعقد ملتقى القادة التنفيذيين بالتوازي مع الحدث الرئيسي، ويضم:
- جلسات مغلقة وفق قاعدة قاعدة تشاتام هاوس (Chatham House).
- محتوى مخصص للمدراء التنفيذيين.
- نقاشات تركز على الاتجاهات المستقبلية والحوكمة.
- أمثلة واقعية من مؤسسات عالمية.
الفائدة العملية لمدراء الأمن السيبراني:
اختبار الأفكار أمام قيادات تواجه تحديات مشابهة.
الاطلاع على أحداث حساسة لا تنشر في الإعلام.
مواءمة خطط المؤسسة مع اتجاهات الذكاء الاصطناعي والأمن الهجومي.
نادي مدراء أمن المعلومات (CISO Club): شبكة ممتدة على مدار العام
لا تقتصر قيمة (Black Hat MEA) على مجرد أيام المؤتمر الثلاثة، فهنالك عبر نادي مدراء أمن المعلومات، الذي يمثل مجتمعاً دائماً يضم نخبة من مدراء أمن المعلومات وكبار التنفيذيين في التقنية (CIOs).
في النسخ السابقة:
- دعا منظمو المؤتمر أكثر من 500 مدير أمن سيبراني.
- قدموا مساحات خاصة وجلسات مغلقة.
- نظموا فعاليات دورية للتحاور حول التحديات المشتركة.
ثالثاً: حدث Black Hat MEA يساعد مدراء الأمن السيبراني على مواكبة الذكاء الاصطناعي والتهديدات المستقبلية
يمثل الذكاء الاصطناعي أبرز تحد واجهه مدير أمن المعلومات خلال العامين الماضيين، من حيث التهديدات والفرص على حد سواء. ويضع Black Hat MEA هذا الملف في صميم أجندته، بما يواكب النقاشات العالمية في فعاليات Black Hat، بدءاً من الوكلاء الذاتيين (Autonomous Agents) والذكاء الاصطناعي الخفي (Shadow AI)، وصولاً إلى الهجمات على مستوى العتاد وتهديدات الهوية المدارة بالذكاء الاصطناعي.
محتوى متخصص في مخاطر الذكاء الاصطناعي
تشمل أجندة 2025 جلسات تركز على الجانب العملي من الذكاء الاصطناعي، مثل:
- جلسة طاولة مستديرة لمدراء أمن المعلومات حول الذكاء الاصطناعي التوليدي.
- جلسة استكشاف كيف يمكن للخصوم أن يستخدموا الذكاء الاصطناعي التوليدي (Generative AI) لخلق تهديدات جديدة ومعقدة.
- تدريبات متقدمة تقدّمها مدرسة الاختراق العالمية بمشاركة شركة “أوفسيك” (OffSec) وشركة التدريب والاستشارات السيبرانية سيكيور (CQURE) وأكاديمية الهاكرز (Hackers Academy).
ما الذي يكسبه مدراء الأمن السيبراني؟
القدرة على طرح أسئلة أدق داخل المؤسسة: مثل “أين يتسلل الذكاء الاصطناعي إلى أدواتنا الحالية؟”، و”أين قد تنشأ حالات الذكاء الاصطناعي الخفي؟”، و “ما الضوابط التي تقلل المخاطر فعلياً؟”.
تقديم توضيحات أقوى لمجلس الإدارة: حين ينقل مدراء الأمن السيبراني ما تناقشه القيادات الأمنية العالمية مباشرة، تصبح الصورة أوضح وأكثر مصداقية من الاعتماد على تقارير نظرية فقط.
رابعاً: حدث Black Hat MEA تجربة واقعية لمواجهة الهجمات السيبرانية
يقدم الحدث واحدة من أهم التجارب العملية في الأمن السيبراني، من خلال متابعة مختصين يختبرون الأنظمة أمامك داخل بيئة محكمة.
أكبر مسابقة Capture the Flag (CTF) في العالم
نسخة 2025 ستقدم مستويات أصعب من التحديات عبر مراحل تحاكي سيناريوهات هجمات حقيقية تشمل الشبكات والتطبيقات والتشفير.
يستضيف Black Hat MEA، بالتعاون مع الاتحاد السعودي للأمن السيبراني والبرمجة والدرونز، أكبر منافسة Capture the Flag (CTF) في العالم، والتي دخلت موسوعة غينيس بعد أن جمعت أكثر من 1000 متنافس في نسخة 2024.
في 2025، صممت المسابقة لمحاكاة هجمات واقعية تشمل اختراق الشبكات وتحليل التطبيقات وفك التشفير. إنها تجربة عملية عالية المستوى تضع المشاركين في مواجهة مباشرة مع منطق المهاجمين وأساليبهم المتطورة.
ما الفائدة العملية لمدراء الأمن السيبراني؟
منافسة (CTF) تجربة مفيدة لأنها:
- تكشف أسلوب تفكير الخصوم وكيفية استغلالهم الثغرات.
- توفر فرصة لرصد المواهب الشابة التي قد تكون ضمن فرقك في المستقبل.
- تذكرك بمدى حيوية فرق الاختراق مقارنة بفرق الدفاع المرهَقة داخل المؤسسات.
كما يضم الحدث:
- “منطقة الفعاليات” (Activity Zone): منطقة تفاعلية مليئة بالتحديات التقنية ومختبرات حية وتجارب عملية، مع جوائز تصل قيمتها إلى مليون ريال سعودي.
- منصة أرسنال (Arsenal): مساحة مخصصة لعرض أدوات المصادر المفتوحة.
- “جلسات تخصصية” (Briefings): جلسات يقودها خبراء عالميون. تستعرض أحدث التهديدات والتقنيات الدفاعية أمام جمهور متخصص.
يمنح هذا التنوع رؤية شاملة نادراً ما تتوفر في مكان واحد:
من مشاهدة عملية للهندسة العكسية، إلى استكشاف أدوات هجومية جديدة في Arsenal، ثم تجربة تطبيقها الفعلي في تحديات (CTF)، وصولاً إلى تحليل أثرها على الضوابط الدفاعية.
إنه تسلسل عملي متكامل يربط بين النظرية والتطبيق، ويتيح للمدير الأمني فهماً أعمق لسلوك المهاجمين وكيفية الاستجابة بفعالية.
خامساً: الرياض ومنطقة الشرق الأوسط وأفريقيا، وقيمة الموقع بحد ذاته
ينطلق Black Hat MEA من واقع إقليمي يشهد نمواً رقمياً سريعاً في مجالات المدن الذكية والخدمات المالية والحوسبة السحابية والذكاء الاصطناعي. وتبرز الرياض كنموذج متقدم في دمج الأمن السيبراني ضمن أولويات الدولة، مدعوماً بسياسات حكومية وبرامج وطنية شاملة تعزز جاهزية البنية الرقمية.
ما أهمية ذلك لمؤسستك؟ إذا كنت تعمل في قطاعات حيوية مثل الطاقة والبنية التحتية والمالية والحكومة والاتصالات أو الحوسبة السحابية، فإن التغيرات التشريعية والتهديدات السيبرانية في المنطقة ستنعكس مباشرة على استراتيجياتك الأمنية. في Black Hat MEA، تناقش هذه التوجهات بوضوح من خلال جلسات متخصصة، وبمشاركة صناع القرار، وفرق الاستجابة الوطنية (CSIRTs)، ومسؤولي الأمن من مختلف الدول، ما يمنحك رؤية عملية لما ينتظرك على أرض الواقع.
سادساً: مكاسب مدراء الأمن السيبراني في بناء فرق أقوى وقيادة أمنية فعالة
تظهر في Black Hat MEA فجوة المهارات بوضوح في كل قاعة تدريب وتحدٍ تقني وبرنامج توظيف. ولهذا، يتحول الحدث إلى مدرسة اختراق عالمية، تجمع أكثر من 30 مدرباً معتمداً من Black Hat، بالتعاون مع جهات رائدة مثل OffSec، وCQURE، لتقديم تدريب عملي مباشر.
ومع وجود تحديات (CTF) ومناطق الفعاليات (Activity Zones)، تصبح البيئة مثالية لتطوير الفريق من جميع الزوايا:
- تكتسب الفرق الدفاعية (Blue Team) فهماً عملياً لتكتيكات الهجوم.
- يختبر المحللون الجدد قدراتهم في بيئة واقعية.
- يراقب المدراء أداء فرقهم تحت الضغط ويكتشفون المواهب القيادية.
ويمكن تحويل ثلاثة أيام في الحدث إلى نتائج عملية عبر:
- اختيار دورات مرتبطة بخطة مهارات الفريق.
- إرسال مجموعات مختلطة تضم قيادات وعناصر متمرسة.
- توثيق الدروس المستفادة وتحويلها إلى إجراءات داخلية.
البعد القيادي واضح أيضاً عبر مقابلات وجلسات تتناول بناء ثقافة أمنية مستقرة والتواصل الفعال مع الإدارات غير التقنية، مع برامج تستهدف النساء والمهنيين الجدد في المجال.
سابعاً: هل يجب أن يكون Black Hat MEA 2025 جزءاً من خطة عمل مدراء الأمن السيبراني؟
نعم، بشرط التعامل معه كجزء من بنية العمل، لا كفعالية عابرة، فالأهمية تأتي من كونه:
- منصة عالمية تتيح رصد أحدث التهديدات والأدوات الأمنية من مصادرها المباشرة.
- برامج مصممة لمدراء الأمن السيبراني تشمل قمماً قيادية ونواد مغلقة وفرص تواصل مع نظراء وصناع قرار.
- جزءاً من منطقة تشهد تغيرات رقمية متسارعة ستؤثر في سياسات الأمن خلال السنوات المقبلة.
- فرصة لضغط شهور من النقاشات والمقارنات والتعلم في أيام قليلة.
في النهاية، يمكن تلخيص قيمة Black Hat MEA 2025 بالنسبة لمدراء أمن المعلومات في عناصر ثلاثة:
- الوقت: بعيداً عن ضغوط العمل اليومية.
- التركيز: على القضايا الاستراتيجية لا التشغيلية.
- الكثافة: في المحتوى والأشخاص والتجارب العملية.
عند استثمار هذه العناصر بذكاء، يتحول شعار “المنصة العالمية للأمن السيبراني” (Cybersecurity’s Global Stage) من مجرد عنوان إلى أداة حقيقية لبناء مؤسسة أكثر مرونة، وتعزيز دورك كمدير أمن معلومات في قيادة التحول الأمني.







