
في خطوة تصعيدية تعكس تزايد المخاوف من النفوذ التكنولوجي الصيني، أعلنت كندا حظر شركة “هايكفيجن” (Hikvision)، وهي واحدة من أكبر الشركات الصينية المتخصصة في أنظمة المراقبة بالفيديو، وذلك لأسباب تتعلق بتهديد الأمن القومي. ويمثل القرار جزءاً من توجه أوسع لدى عدد من الدول الديمقراطية للحد من اعتمادها على التكنولوجيا المرتبطة بالجهات الحكومية الصينية.
وجاء إعلان الحظر على لسان وزيرة الصناعة الكندية ميلاني جولي، التي أكدت في بيان رسمي صدر في الثامن والعشرين من يونيو أن الشركة مطالبة بوقف جميع أنشطتها وإغلاق فرعها المحلي “هايكفيجن كندا”، بناءً على مراجعة أمنية أجريت وفق “قانون الاستثمار الكندي” وبالتعاون مع أجهزة الاستخبارات.
وقالت الحكومة الكندية إن استمرار عمليات الشركة يشكل تهديداً مباشراً للأمن الوطني. وبناءً عليه، شمل القرار حظر توريد منتجاتها إلى المؤسسات الفيدرالية، بما في ذلك الوزارات والهيئات الحكومية وشركات التاج.
كما أطلقت الحكومة تحقيقاً موسعاً للتأكد من عدم استخدام أي مؤسسة رسمية لأنظمة كاميرات أو أجهزة تابعة لـ”هايكفيجن” تم شراؤها في السابق. ومع أن القرار لا يطال الأفراد أو الشركات الخاصة، إلا أن وزيرة الصناعة دعت المواطنين إلى “أخذ هذا القرار بعين الاعتبار” في تعاملهم مع هذه المنتجات.
وسبق لمقاطعة كيبيك أن حظرت استخدام أنظمة “هايكفيجن” في المؤسسات الحكومية في نهاية عام 2023، ما يُظهر تصاعد القلق المحلي والدولي من تكنولوجيا المراقبة الصينية، لا سيما في ظل ما يتردد عن علاقتها المباشرة بالجيش وأجهزة الأمن الصينية.
ويمتد نطاق القيود الدولية المفروضة على الشركة إلى عدة قارات. ففي الولايات المتحدة، أدرجت وزارة التجارة “هايكفيجن” على القائمة السوداء، ومنعت تعاملها مع الجهات الحكومية منذ عام 2019، بسبب دورها في مراقبة الإيغور وغيرهم من الأقليات المسلمة في منطقة شينجيانغ.
ونفت “هايكفيجن” هذه الاتهامات مراراً، ووصفتها بأنها “ادعاءات بلا أساس”، غير أنها استعانت بمجموعات ضغط ودبلوماسيين سابقين في محاولة للتخفيف من الضغوط. ومع ذلك، واصلت عدة دول اتخاذ إجراءات مماثلة.
ففي عام 2020، حظرت الهند مشاركة الشركة في المناقصات الحكومية، وأمرت بإزالة كاميراتها من المواقع العسكرية. وفي العام التالي، أقدمت كوريا الجنوبية على حظر مؤقت لـ224 منتجاً من “هايكفيجن” بعد كشف تقارير اختبار مزورة، بينما أصدرت البحرية الهندية تعليمات بتدمير المعدات التابعة للشركة.
كما أزالت المفوضية الأوروبية والبرلمان الأوروبي كاميرات “هايكفيجن” الحرارية من منشآتهما في عام 2021، في خطوة وُصفت بأنها وقائية ضد أي تورط في انتهاكات حقوقية. وفي نوفمبر 2022، حظرت الحكومة البريطانية استخدام كاميرات الشركة في المواقع الحساسة، واتخذت خطوات فعلية لإزالتها من المرافق الحكومية.
وفي وقت لاحق، فرضت الولايات المتحدة حظراً على استيراد وبيع منتجات “هايكفيجن”، بينما أعلنت أستراليا ونيوزيلندا وقف استخدام أجهزتها داخل منشآتهما الدفاعية. وفي أوكرانيا، صُنفت الشركة “راعياً دولياً للحرب” بسبب توريدها معدات ذات استخدام مزدوج لصالح روسيا.
أما في تايوان، فقد تم توجيه اتهامات لأحد موظفي الشركة في عام 2024 على خلفية أنشطة غير قانونية داخل الجزيرة. وفي أكتوبر من العام ذاته، كشفت تقارير بريطانية أن الحكومة أزالت أكثر من نصف كاميرات “هايكفيجن” من مواقعها الحساسة، مع خطة لإزالتها بالكامل بحلول أبريل 2025.