
التوترات التجارية التي أشعلتها قرارات فرض الرسوم الجمركية من قبل إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب قد تؤدي إلى تصعيد في التهديدات السيبرانية عالميًا، بحسب خبراء في الأمن السيبراني والسياسات العامة. فقد حذّر الخبراء من أن الضرائب الجديدة على الواردات من دول مثل الصين والاتحاد الأوروبي والهند وسويسرا وتايوان وفيتنام قد تفتح الباب أمام تصعيد في العمليات السيبرانية التي تقودها الدول، إضافة إلى ارتفاع معدلات الجريمة السيبرانية والنشاطات التخريبية المرتبطة بالناشطين السيبرانيين، في حال تسبب ذلك في ركود اقتصادي عالمي.
رغم إعلان البيت الأبيض تعليقًا مؤقتًا لمدة 90 يومًا على فرض الرسوم، إلا أن ذلك لم يُغير من التوقعات بزيادة التهديدات الرقمية، خاصة مع انخفاض متوقع في إنفاق الشركات على الأمن السيبراني. يقول مات بيرل، مدير برنامج التقنيات الإستراتيجية في مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية (CSIS):
“الركود الاقتصادي سيقلّص الموارد المتاحة للشركات الأمريكية والمتعددة الجنسيات لتخصيصها للأمن السيبراني”.
الأثر السياسي والاقتصادي على النشاط السيبراني
الاضطرابات السياسية والاقتصادية المرتبطة بالرسوم الجمركية قد تدفع بعض الدول إلى التجسس الاقتصادي لكسب أفضلية في المفاوضات التجارية أو السياسية. كما أن الأفراد المتأثرين اقتصاديًا قد يلجأون إلى وسائل غير مشروعة للحصول على الدخل، في حين أن بعض الدول قد تلجأ إلى عمليات سيبرانية انتقامية ضد خصومها.
مع ذلك، يرى باحث في شركة الاستخبارات السيبرانية Cyfirma – طلب عدم الكشف عن هويته – أن الهجمات المدمرة من دول حليفة ضد الولايات المتحدة تظل مستبعدة، نظرًا لكلفتها السياسية والدبلوماسية، بينما تظل عمليات التجسس السيبراني السرية حول المفاوضات التجارية والأسرار الصناعية أكثر احتمالًا.
التهديدات السيبرانية خلال الأزمات الاقتصادية
يرى كيسي إليس، مؤسس شركة Bugcrowd، أن الأزمات الاقتصادية تُضعف قدرات الدفاع السيبراني، مشيرًا إلى أن جائحة كوفيد-19 أدت إلى زيادة بنسبة 185% في الثغرات الأمنية الخطيرة في قطاع الخدمات المالية. وأضاف:
“القرارات العاجلة خلال الأزمات هي العدو الطبيعي للأمن السيبراني الجيد، فيما يسهل استغلال الذعر من قبل مجرمي الإنترنت”.
التاريخ يؤكد هذه الديناميكية. على سبيل المثال، “احتيال الأمير النيجيري” الشهير تعزز خلال فترات عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي في أفريقيا في الثمانينيات، وكان له تأثير عالمي.
تنامي دور الدول الخارجة عن القانون
الدول التي لا تلتزم بسيادة القانون أو تتسامح مع الجرائم السيبرانية – المعروفة بـ”الدول المارقة” – قد تستغل الفرصة لتكثيف الهجمات. كما يُتوقع أن تزداد النشاطات التخريبية من قبل جماعات مثل Anonymous وLulzSec، خاصة في حال خفضت الشركات من استثماراتها في الدفاع السيبراني.
القطاع الأمني السيبراني في موقف مغاير
رغم الأثر السلبي المحتمل على معظم القطاعات، يُتوقع أن يظل قطاع الأمن السيبراني محصنًا نسبيًا، بل قد يشهد نموًا في الطلب على خدماته نتيجة تصاعد التهديدات. يشير محلل من مورغان ستانلي إلى أن البيئة المهددة تدعم الطلب على الأمن السيبراني، متوقعًا عودته ليكون “ملاذًا آمنًا” للمستثمرين.